هل للحب صوت؟ هل له شكل؟ قد يجذبنا المظهر الخارجي، وقد يشدنا الصوت، وقد تأسرنا الكلمات، ولكن هل هذا حقا هو الحب؟ هل يكتفي المحب بأن يقول أحب عينيه ويتوقف؟ هل يكتفي بأن يقول أحب صوته ويتوقف؟ في رأيي أنك تستطيع أن تعبر عن الحب بلمسة حنان، بحضن دافئ حنون، باهتمام بانفعال بغضب حتى بجنون، وإن كنت تمتلك الموهبة تستطيع أيضا أن تصف ما تمر به بكلمات بلحن بلوحة أو بأي عمل فني يخرج من بين أناملك وأنت تعيش الحالة، ولكن حينما تبدأ في تفسير لماذا تحب تفشل! لماذا؟ لأن الحب لا تفسير له! وإن بدأت بذلك فاعلم أنك أصلا لم تحب! بهذا بدأت لأشدكم إلى ما سيأتي، إنها العصا السحرية التي سوف تجمعكم حول عباراتي الآتية: هذه الأيام يتعرّض الحب لهزات قوية، فالأزمة يمكن أن تخرج أفضل أو أسوأ ما في الإنسان، مع الحظر الذي نعيشه داخل جدران البيوت، قد يدفع ذلك الكثير إلى أن يكونوا أكثر تعاطفا واهتماما، أن يفكروا بطريقة استباقية وإبداعية في إيجاد السبل إلى كيفية الاستفادة من هذه الأوقات التي وجدوا أنفسهم مع من يحبون من أفراد أسرهم وخاصة الأزواج والزوجات، ولكن قد تدفع الكثير إلى الخوف والانغلاق، بل إلى إطلاق حالات الشك والتقلب المزاجي، وهنا لنفكر إما أن نستثمر هذا الوقت للتقرب والتعرف أكثر على بعضنا البعض، أو أن نزيد من الفجوة فيما ربما كان قد تصدع من قبل. قد يحصل من شريك حياتك ما يدعو إلى الغضب، ونحن نعرف كيف أن الغضب يشوش على التفكير السليم، ويجعلنا نتصرف بطريقة قد نندم عليها فيما بعد، تذكر أن ما تشعر به هو أمر مؤقت وسوف يمر وتنقشع الغمامة عن عينيك لتعود إلى طبيعتك، هنا حتى لا تتسرع وتتصرف بطريقة غير سليمة تذكر، فرغم ما قد تشعر به من غضب أو غيمة ألم أو دهشة، فكر أنك للحظات قريبة قبل الحدث كنت في حالة سعادة على الأقل إن لم تكن كذلك في هدوء، لا تُكبر الأمر وتخلق من الحبة قبة وكأن الأمر الذي حدث سرمدي لا يمكن تغييره! فما الحياة سوى لحظات تتغير، وهذه هي الحقيقة التي لا ينكرها اثنان، فكر كم من التحديات والمشاكل التي مرت بحياتك وكيف أنها مرت وأصبحت ذكريات إما من خلال جهدك في حلها، أو من خلال تبددها واختفائها بأسباب كانت خارجة عن نطاق قدراتك، المهم أنها حُلت، انقضت، مرت وأصبحت ذكرى. الحب في زمن كورونا، ليس كالأوقات العادية، أنتَ وهي، أنتِ وهو.. والعالم من حولكما قريب قرب ضغطة زر على جهاز، وبعيد أيضا ببعد ضغطة زر على جهاز.. عش حياتك كل يوم على حدة كما يأتي وركز على الحاضر واترك المستقبل، فقد تأتي أيام جميلة، وقد تأتي أيام حرجة، لا تشغل بالك وتفكر واترك الأمر بيد الخالق، واستمتع بأوقاتك مع الغالي، فقد لا تعود هذه الأيام، وسرعان ما ننغمس في خضم مشاكل الحياة وننسى أن هناك نصفا آخر بحاجتنا كحاجته إلى الماء والهواء. عندما تشعر بالضيق، وهذا طبيعي، لأنه لا أحد يحب أن يكون محجوزا في مكان ولا يعرف ما يحمل إليه الغد من مفاجآت، عود نفسك على أن تفكر بالنعم التي أنت تملكها في هذه اللحظات بالذات، أمن وأمان، بيت يحتويك وطعام يغذّيك، وإن احتجت إلى المزيد استطعت أن تطلب فيأتيك ما تحتاجه إلى باب منزلك، كن شكورا لأنك تستطيع أن تتصفح الشبكة العنكبوتية لتجد ما ترغب من دورات ومعلومات ومعارف تملأ وقتك وأنت تنمي من خلالها قدراتك ومخزون ثقافتك، سبّح بحمد ربك على نعمة الصحة وأن أبناءك حولك وأنهم لم ينقطعوا عن الدراسة وأن العلم رغم بعض الصعوبات التي قد تواجههم متاح وبين أيديهم بشيء من الالتزام والمتابعة من قبلك، بمعنى آخر ركز على ما بين يديك ولا تفكر بما هو بعيد عنك، ستجد الكثير والكثير، وبدلا من أن تضيع وقتك في توافه الأمور مثل مَن منّا على حق ومن هو المخطئ! لديك طاقة؟ وهذا جميل ونعمة من الله سبحانه، فوزعها بين العبادات والأعمال التي تحتاج أن تهتم بها من إصلاح أو إعادة تنظيم وترتيب وحتى تنظيف، تقرب من شريك حياتك وتحاور، بل قوما ببعض الأمور المسلية معًا كالألعاب التراثية التي نسيناها ولم نعد نمارسها وكانت جوهر التجمعات الأسرية قبل زمن قريب، أشرك الجميع في جلسات تأمل أو ألعاب رياضية، ابتسم، اضحك، قهقه إن احتاج الأمر ولا تخجل أو تشعر بأي حرج.. أخرج كل ما اجتمع في داخلك من مشاعر ظننت يوما أنها غير مناسبة أو قد تغيّر من نظرة مَن حولك إليك! لا تسمح للأزمة بأن تتحكم بك وتبعدك عمن تحب، تحكم بعقلك فهو ملكك أنت ولا تسلمه لما يبث على سوشيال ميديا من أخبار سيئة، لا تترك ما يحدث في العالم من حولنا أن يلقي بظلاله على روحك ويأسرك في ظلام الحيرة والتشاؤم، فأنت بين يدي رحمن رحيم، كن ممتنّا واشكر ولا تنس أن تستمتع لأن صحتك النفسية ستتحسن وبعدها ستجد أن علاقتك بأحبائك ستقوى، وفي النهاية ستكون ذكريات المستقبل، وبيدك أن تجعلها حزينة ومرة وقاسية، وبيدك أن تجعل منها ابتسامة على شفاه أحبابك، والأهم ليكن لديك إيمان بأن هذه أيضا سوف تمر وتمضي وتبقى أنتَ وهي.. وتبقين أنتِ وهو، لنفكر ولنثمن ومن ثم لنتصرف، وكما قال الشاعر: ما بينَ طَرْفَةِ عَيْنٍ وانتباهتِه... يغيِّر اللهُ من حالٍ إلى حال وأيضا كما قال الشاعر أحمد رامي: لا تشغَلِ البال بماضي الزّمانْ ولا بآتي العيش قبلَ الأوانْ واغنَمْ من الحاضر لذّاتِه فليس في طَبْع الليالي الأمانْ غدٌ بظَهْر الغَيْب واليومُ لي وكَمْ يَخيبُ الظنُّ في المُقبِلِ