بين ما ورثه من والده الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، من حنكة وحكمة وإدارة، وبين حضوره الإنساني والخيري والدبلوماسي، تصعب الإحاطة بكل الجوانب اللافتة في شخصية ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وتحديد المهارات والسمات التي يتمتع بها، ووصف "الكاريزما" الخاصة التي يملكها، لا سيما أنها شخصية دولة كبيرة لها وزنها وحضورها الديني والسياسي والاقتصادي إقليميا وعالميا. ولا يختلف الجميع من أدباء ومثقفين ومفكرين وسياسيين، على السمات الإدارية والمقومات القيادية في شخصية الأمير سلمان بن عبدالعزيز، التي تجلت في فنه في الحكم وحنكته الإدارية، وحزمه تجاه القضايا الأساسية كالتي تخص الدين، وأمن الدولة، وحقوق الناس ودماءهم وأعراضهم، في حين يسطر مشهد التسامح على مواقفه من الأمور الفرعية، والقضايا الإنسانية والخيرية. رجل الدولة المحنك ولعل حديث الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض قبل أقل من شهر، عن أخيه الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، يجسد كثيراً مما تتمتع به شخصية ولي العهد، حيث قال: "لم يكن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حاكماً إدارياً على منطقة الرياض فحسب بل كان في الحقيقة رجل الدولة المحنك الحاضر دائما في صياغة قراراتها وصناعة مواقفها وتكييف علاقاتها الخارجية وفق ما تقتضيه مصلحة الوطن وربما كان أقرب وصف له أنه دولة في رجل ويكفي لإثبات ذلك استقراء تاريخه القيادي والسياسي ليظهر من مجموع مسؤولياته ومواقفه ومهامه كم يحسن فن القيادة ويتقن المعادلات السياسية ويحكم القبضة على ما يتولاه بمنهج يجمع بين الحزم واللين مع مهارة فائقة في التعامل مع المواطنين وفق طبائعهم المختلفة". مهندس الإنجازات وأضاف أمير منطقة الرياض في كلمة له قدم فيها العدد الخاص "17" من مجلة إمارة منطقة الرياض الذي صدر بعنوان "سلمان .. مهندس الإنجازات": لعل توليه إمارة أهم منطقة في نسيج الوطن وهي منطقة الرياض يقوم شاهدا على ما يتحلى به من مقومات القيادة منذ أن كان في بدايات عمره فالرياض هي مركز الدولة وعاصمتها وقلبها النابض والإمارة عليها تستلزم شخصية تمتلك أدوات نوعية ومؤهلات فطرية تمليها خصوصية المنطقة واتساعها الكبير وتركيبتها المعقدة فالأنظار نحوها مشدودة والأحداث فيها أيا كان نوعها ذائعة متداولة ومادامت كذلك فيجب أن تكون هي المثال المحتذى لمناطق المملكة الأخرى في كل شؤونها وكان الأمير سلمان يدرك هذه الخصوصية لمنطقة الرياض طول مدة إمارته عليها التي دامت أكثر من "50" عاما فنجح بامتياز في اجتياز هذا التحدي الكبير صانعاً من الرياض عاصمة مشرقة مشرفة للوطن في أمنها ونهضتها وخدماتها واتساعها المدروس وتقدمها السريع الذي كان يراعي فيه الأمير سلمان مسألة الحفاظ على الهوية بجعل الأصالة هي طابع التطوير وكانت كل تلك الإنجازات تتحرك بفكر قيادي يقيس النجاح بما يتحقق على الأرض لا بما في النفس من الأفكار والخطط وبهذا كان الأمير سلمان يفضل الصمت ليجعل الإنجازات هي التي تتحدث". وأوضح الأمير سطام بن عبدالعزيز أن من أبرز ملامح النهج القيادي للأمير سلمان في مدة توليه إمارة منطقة الرياض إيمانه بمبدأ أن واجب المسؤول خدمة المكان وأهله ليجعل المكان ومن فيه خدماً له ودليل هذا الإيمان يتجلى في طبيعة العلاقة التي كانت تربطه بالرياض فقد كانت مرتكزة على المحبة والعشق حتى عرفت الرياض به وعرف هو بها وكان كثيراً ما يشعر أنها كائن حي يتأثر ويستجيب فكان هذا الإحساس باعثا له على بذل أقصى درجات الجهد والإخلاص. بحر من السياسة والخبرة وبين أمير الرياض أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز بتلك السمات الشخصية والمقومات القيادية أحد أبرز رجالات الدولة وأركانها الكبار وما انتقاله من إمارة أهم منطقة في المملكة وهي الرياض إلى قيادة أكثر وزاراتها حساسية وهي وزارة الدفاع إلا شاهد على ذلك فهو لا يتولى إلا أضخم المسؤوليات وأصعب المهام وقد قيل "على قدر أهل العزم تأتي العزائم" مضيفاً: وبعد النجاح الذي صنعه للرياض ها هو ينقل خبرة أكثر من -50- عاماً إلى وزارة الدفاع ليحلق بها بكل مكوناتها البرية والبحرية والجوية إلى فضاء من النهضة والنمو ويصنع منها حصناً للوطن وسياجاً منيعاً لشعبه. وأضاف الأمير سطام بن عبدالعزيز: "مما أعتز به عملي مع الأمير سلمان مدة طويلة بلغت 46 عاما كنت فيها واقفاً في الحقيقة على بحر من السياسة والخبرة والقيادة والثقافة أنهل منه ما أشاء لبناء معارفي وكثيراً ما كنت أتأمل قراراته ومواقفه تجاه مختلف القضايا ووجوه تعامله مع الناس فأحفظ ما أرى وأسمع منه في ذاكرتي حتى صار لدي مستودع من الخبرات وقاعدة أستند عليها بعد أن توليت الإمارة من بعده لأستقي منها العون في القرارات والأحكام. الرياض.. مدينة عصرية يذكر أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز قاد منذ 57 عاما، قبل أن ينتقل لوزارة الدفاع قبل نحو 8 أشهر، التحول الذي طرأ على مدينة الرياض التي تعد أسرع مدن العالم نموا ووصل عدد سكانها إلى أكثر من 5 ملايين نسمة، حيث تحولت الرياض خلال أكثر من نصف قرن من بلدة صغيرة تحيطها الأسوار، إلى مدينة عصرية، وأضحت إحدى الحواضر ذات التأثير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي خلال العصر الحالي ليس على المستوى المحلي؛ فحسب بل على المستوى الإقليمي والدولي. وتجاوزت مساحة الرياض كثيرا من الدول، حيث تبلغ مساحتها أكثر من ثلاثة أضعاف مساحة البحرين أو سنغافورة على سبيل المثال، حيث تبلغ مساحة نطاق العاصمة السعودية العمراني أكثر من ألفي كيلومتر مربع، وتجاوز سكان الرياض الملايين الخمسة في الوقت الحالي بعد أن كان عدد سكانها في عام 1862م لا يتعدى الثمانية آلاف نسمة، في حين يتوقع أن يصل عدد سكان المدينة بعد عقد وبالتحديد في عام 2020م إلى نحو عشرة ملايين نسمة. وقاد الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي تولى إمارة المنطقة قبل 57 عاما العاصمة السعودية إلى آفاق رحبة وإنجازات غير مسبوقة في المدن الحديثة، حيث دفع عشقه الخاص للرياض إلى أن تكون مدينة متميزة وعروسا وسط الصحراء. ارتباط عميق وقبل أكثر من ربع قرن من اليوم، وفي كلمات تؤكد الارتباط العميق للأمير سلمان بن عبدالعزيز بالرياض، قال قائد تحول المدينة عن ذلك: "لا أتخيل نفسي بعيدا عن مدينة الرياض حتى لو لم أكن موجودا فيها، فالرياض بالنسبة لي الوطن والتاريخ الماضي والحاضر والمستقبل والأمل، منها قام والدي المغفور له الملك عبدالعزيز بوثبته العملاقة الكبرى التي غيرت مجرى تاريخ الجزيرة العربية حينما وحّد شتات هذه الأقاليم التي لعب الجهل والتخلف والإقليمية أدوارا كبيرة في تمزيقها وتفريقها حتى جاء البطل، ليصنع من هذه الأقاليم أعظم وأقوى وحدة في تاريخ العرب الحديث؛ فيها ولدت وترعرعت وتربيت على يد الملك العظيم الذي غرس في قلبي وقلوب أبنائه حب الوطن والتفاني من أجله، عشت زهرة الشباب وأنا أرى وألمس حكمة القائد وحسن أدائه وعلو مكانته محليا ودوليا حتى أثر ذلك في نفسي، وتعلمت من سيرته الكثير، تسلمت مسؤولية إمارتها منذ أكثر من ثلاثين عاما، وشهدت خطواتها خطوة خطوة، وتسلمت مسؤولية تطويرها، وخلال هذه المدة الطويلة تابعت سياسة التطوير، وكان لي شرف الوقوف على تنفيذها، وشهدت كل خطوة حضارية خطتها مدينة الرياض، ومن هنا يصعب علي أن أفكر أن أكون بعيدا عنها حتى لو كنت خارجها.. عندما أكون خارج المدينة داخل المملكة أو خارجها، فأنا أعيش معها ولها. وفي الحقيقة، فأنا عندما أغيب عنها أظل أتخيلها.. أعمالها، تصريف شؤونها، شوارعها، حدائقها، ملاعب الأطفال فيها، مدارسها، مستشفياتها، كل شؤونها، كل ركن أو زاوية فيها تعيش معي في تفكيري، في قلبي، في جوارحي، أحس أنني موجود في كل زاوية من زواياها، وأنني أتابع خطوة خطوة كل حركة فيها وكل مشروع، يدفعني الحب لها ولأهلها ولولاة الأمر فيها، فهي الرياض مدينتي وهي الرياض عاصمة المملكة الحبيبة. وكل قرية ومدينة في بلادي عزيزة وغالية، ولها في نفسي أسمى مكانة وأرفع موقع، إن مسؤولا بمثل مسؤوليتي لا يستطيع ولو للحظة أن يكون جسمانيا غائبا عنها، فهي تعيش معي وأعيش معها، وهي أمام عيني في كل لحظة، وإذا اضطرتني ظروفي إلى مغادرتها مدة تقصر أو تطول، فأنا دائم التفكير فيها ولها كثير من الشوق، وأنا حريص على سرعة العودة لمتابعة شؤونها والإشراف على تطويرها عن قرب ومعالجة الأمور فيها".