يشعر الزائر وهو يقف أمام المجموعة الفنية لأشهر الفنانين البريطانيين خلال القرن الماضي التي يعرضها حاليا المجلس الثقافي البريطاني في مدينة الخبر بالتعاون مع مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية "سايتك" كأنه في رحلة في الريف البريطاني مرورا بالمدينة الصناعية انتهاء بالشاطئ. ويمثل موضوع المناظر الطبيعية في الجزر البريطانية القاسم المشترك للأعمال المعروضة التي تتنوع ما بين 22 لوحة، و7 صور فوتوجرافية وأربع منحوتات تبلغ قيمتها الإجمالية ما يقارب 12 مليون ريال سعودي، وتسلط هذه الأعمال الضوء على محاولات الفنانين الفردية في محيط لا يفتأ يتغير، إذ غالبا ما يجدون أنفسهم في تحد مع الوسائل التقليدية لتفسير المناظر الطبيعية وتأطيرها. منسقة البرامج الإعلامية في المجلس الثقافي البريطاني في الخبر هبة العقرباوي أوضحت ل"الوطن" أن هذه الأعمال يقتنيها المجلس من الفنانين البريطانيين، منوهة أن جميع الأعمال (55 عملا ل39 فنانا)، عرضت في المتحف الوطني في الرياض لتوفر إمكانات العرض هناك، بينما اكتفي بعرض 22 عملا في جدة و33 في الخبر، لأن هذه الأعمال تحتاج إلى درجات حرارة معينة وإضاءات وبعضها يحتاج إلى عازل زجاجي. ويبرز في المعرض، عمل الفنان كونراد شوكروس "رحلة على ضفتي نهر لي" الذي يظهر قارب تجديف خشبيا محفورا باليد ومجموعة كرات قدم جمعها الفنان خلال تجواله في نهر لي في لندن تم تنسيقها بشكل خريطة على حائط المعرض، ويتضمن القارب نظام ملاحة دائريا وكاميرا تصور فيلما بانوراميا 360 درجة عن رحلته. ويعتبر شوكروس عمله بمثابة جزء من قطعة تمثيلية، إذ تنطلق الفكرة من نقطة الصفر وتسجل الرحلة للتخليد. أما أقدم الأعمال المعروضة فهي لماثيو سميث المرسومة في 1920 والمستخدم فيها الألوان الزاهية عن ممر في كورنوال منقط بالظل في عز الصيف كما تلمع سقوف بيوت القرية التي تلوح في البعيد تحت تأثير الحر وتبرز برودة ما تحتها في تفاوتات الأخضر والأزرق بأغمق درجاتهما. أما الفنان دايفد هيفير والذي بدأ منذ 1969 رسم سلسلة لوحات تمثل مجموعة من واجهات بيوت النوع الذي كان شائعا وجوده في الضواحي البريطانية خلال فترة مابين الحربين. يترافق المعرض مع برنامج يمتد على مدار شهر ويشمل محاضرات متاحة للعامّة وورش عمل بقيادة متخصصين في الفنون من المملكة المتحدة موجّهة للفنانين والمعلمين، إضافة إلى مسابقة فنية عبر الإنترنت، ويتضمن برنامج المعرض زيارة العديد من المختصين من المملكة المتحدة في مجال الفنون والإعلام لتغطية المعرض وورش العمل المصاحبة له والتي تعقد جميعها بالتعاون مع جماعات فنية في المملكة العربية السعودية. ومن المقرر للمعرض الذي بدأ جولته في 23 أبريل في المتحف الوطني في الرياض ثم انتقل إلى مدينتي جدةوالخبر أن يستمر في جولته ليحمل الموروث الثقافي الفني والأنشطة المصاحبة له لكل من الكويت وعُمان حيث ستستمر المسابقة الإلكترونية بعد انتهائها مع انتهاء العرض في المملكة، واختيار الأعمال الفائزة والتي سيتم عرضها في بريطانيا تحت مسمى "من العربية السعودية" ليتم اختيار المزيد من الفائزين من هذه الدول لتنضم إلى مجموعة "من العربية"، ومن ثم في جولة أوروبية تنتهي بالمملكة المتحدة مع كل ما جمعه من تواصل ثقافي وفني من جميع الدول التي زارها. وكان القنصل البريطاني محمد شوكت، قد افتتح الأسبوع الماضي معرض المناظر الطبيعية البريطانية "من بريطانيا"، في جاليري أثر بجدة في محطته الثانية بعد انتقاله من قاعة العروض بمقر المتحف الوطني في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض. وقال مدير المجلس الثقافي البريطاني في المملكة إدريان شادويك إن المعرض الذي يتضمن أعمالا مميزة لفنانين بريطانيين عالميين تم اختيارهم من قبل المجلس والمتحف الوطني في المملكة، مفيدا أنه امتداد للتعاون المشترك بين الدولتين سيتم عرض فني مماثل في لندن هذا العام لأعمال جديدة لفنانين سعوديين تحت عنوان "من السعودية.. وعنها".