أحوج ما نكون اليوم إلى «السّمت الحَسن» في الهيئة (الشكل)، والسكينة والوقار (السلوك) حيث الأقوال والأفعال. وإذا كان «السمت» مطلوبا في حق العموم ففي حق الخصوص من باب أولى، والسمت «الصالح» جزء من النبوة. ولا يعني السمت الانغلاق والانعزال، وإنما الانفتاح والاختلاط بالناس، ولكن بالرصانة والتعقل، لا «التمشيخ» والرهبنة، فضلا عن «التصابي» وحب الظهور. وليس من حسن السمت «التصنع» بتكلف الصلاح وإظهاره والتزين به بما يخالف باطنه، ناهيك عن لسانه وبنانه، وحتى مشيته، فامشِ متواضعا مستكينا، لا مشي البطر والتكبر، ولا مشي التماوت. واليوم حينما نقلب النظر في الواقع الحقيقي والافتراضي نرى الإفراط في السمت حد «التعالي»، والتفريط حد خرم «المروءة». ومع هذا التطور التقني ينبغي على السامتين مزيد من الصمت إلا لحاجة، فهذا «الانفجار الكلامي» صار غثّاً، ولا ينفع الناس إلا الماكث في الأرض، وهو القليل. ويحز في نفوس أهل الوقار أن يروا «العِلية» من أصحاب اللسان والبنان، وقد أساؤوا السمت وأسقطوا الهيبة مع ما يحملونه من سيرة ومسيرة قد يسري على ما يمثلونه ويُحسبون عليه. وكما قيل «الصمت حكمة وقليل فاعله»، ولكن من الحكمة أحيانا ألا تصمت، وإنما تنطق بالحق ولو بسنة (ما بال أقوام). وحسن السمت من أخلاق النبوة، ولا يعني التقعر في الكلام وإنما (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).