نظرًا لأهمية التوعية بلائحة الذوق العام، وتوجه القيادة الرشيدة - أعزها الله - بشكل عام، وسمو أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال في هذا الشأن، نظمت (ثلوثية النصب) بأبها الثلاثاء الماضي أمسية نوعية، احتضنها القصر الأثري في حي النصب، بدعم ومساهمة من أبناء شيخ قبيلة بني مغيد وبني نمار سابقاً أحمد بن سعد بن مفرح -رحمه الله-، بحضور نخبة من الأكاديميين والمهتمين، حيث تحدث فيها أستاذ التاريخ الدكتور سعد بن عثمان القحطاني، وحاوره المثقف والأديب الألمعي علي مغاوي. ومن وجهة نظر خاصة، أرى أن السبب في إصدار لائحة الذوق العام تدني وغياب كثير من الأدوار الهامة في المجتمعات وفي طليعتها دور الأسرة ودور أئمة المساجد يضاف لهما دور القدوات في المجتمع سواء في القرى أوالمدن، وكذلك دور المدرسة في كل مراحل التعليم، وصولاً إلى مراكز البحث والتدريب في الجامعات، وهو ما ترتب عليه غياب أو تدني دور القدوات والموجهين المؤثرين في المجتمعات سواء الصغيرة أو الكبيرة. الحلول الناجعة تتطلب العمل الجاد بترسيخ مفهوم «كيف نكون قدوة؟»، مستندين في ذلك على أن خير قدوةٍ للبشرية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في كل أقواله وأفعاله. وبالسؤال: كيف تكون الأسرة قدوة؟. نعلم جميعاً أن الأب والأم قدوتان، وكذلك كبير السن وإمام المسجد والشيخ والنائب والعمدة وكل من له صوت مسموع ومقبول يوصله إلى مجتمعه الصغير سواء أسرته أو أبناء قريته وهجرته وجيرانه في مدينته. وإذا كانت الأسرة قدوة متمثلة في الوالدين في كل أمورهما بالأفعال قبل الأقوال فسيكون الأبناء مطبقين لكل ما يرونه ويشاهدونه في والديهم؛ لأنهم يرون أفعالا وأعمالا يومية تطبق ولها تأثير كبير على سلوك الأبناء والأسرة كاملة، وليست أقوالاً ونظريات ربما لا يتم التطبيق الفعلي لها بشكل جيد. ومن الذوق العام عدم خروج الشاب أو الفتاة إلا بلبس مناسب ومحتشم، والرقابة في ذلك يُفترض أن تكون لدى الأسرة من أب أو أم أو أخ أو شقيق قبل الجهات الرقابية، كما أن على إمام الجامع دورًا كبيرًا في اختيار موضوع هام يعالج به ظاهرة أو مشكلة يراها خلال الأسبوع ويوجه وينصح بها في يوم الجمعة، ويكون لها تأثير كبير على جماعة المسجد بدلاً من الاستناد على خُطبٍ قديمة عفا عليها الزمن ولا تواكب واقعنا ومستقبلنا. أما كبير الأسرة أو القرية سواء الشيخ أو النائب أو العمدة فيجب أن تكون له أدوار إيجابية في التوجيه والنصح والإرشاد لجيل الشباب، فمثلاً عند وجود مناسبة بحضور عدد كبير في مجلس، ونجد عدم الالتزام بآداب الحديث وعدم وجود احترام لكبار السن في إنزالهم أماكنهم المناسبة والحديث بشكل شخصي واستخدام الجوالات وربما الاتصالات مما يفقد المجلس احترامه، حيث إن من الضرورة أن يُطلب من الحاضرين ممن لديه قصة أومداخلات شعرية أو تجارب حية أن يمنح له المجال ليفيد ويستفيد الجميع، وبهذا يخرج الجميع من المجلس وقد تم ترسيخ وغرس قيم وآداب المجالس وآداب الحديث لدى جيل الشباب. أما (كيف يكون المعلم قدوة؟) فأعتقد أن هذا أمر في غاية الأهمية بحسن اختيار كل من سيعمل في هذه المهنة الغالية بشروط معينة، وألا يكون التعليم (مهنة من لا مهنة له)، فالطالب الذي لا يُقبل في الطب والهندسة والطيران بسبب الشروط يلجأ مجبرًا إلى أن يكون معلمًا، وعليه فقد لا يكون قدوة؛ لأنه لا يرغب بهذا العمل ولا يناسبه أصلاً، وربما كان الهدف الحصول على وظيفة وراتب فقط.! بينما إذا تم الاختيار المناسب وتم تعيين معلمين برغبات وقدرات ومهارات عالية فسوف يُبنى على هذا الاختيار تشكيل جيل واعٍ ومثقفٍ، حيث سيكون المعلم قدوة لطلابه في كل المراحل ويفتخرون به ويطبقون كل أعماله وأفعاله. ختاماً، نعيش في بلد يعد قدوة للعالم، مفتخرين ومتشرفين بوجود المسجد الحرام والمسجد النبوي، ويحكمنا قيادة قدوة في أفعالها وأقوالها، وهو ما يستلزم على الجميع أن يكونوا قدوات في تعاملاتهم وأخلاقهم ومجالسهم ومدارسهم وجامعاتهم؛ لنكرس للعالم أننا القدوة ومضرب المثل في السعودية العظمى.