سجلت أسعار الأراضي الزراعية في المنطقة الشرقية ارتفاعا كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية بعد إيقاف منح الأراضي الزراعية بمرسوم ملكي، مما ساهم في ارتفاع الأسعار إلى 5 أضعافها بسبب قلة المعروض، الذي تقابله زيادة في الطلب على تلك الأراضي. وقال مدير الإدارة العامة لشؤون الزراعة بالمنطقة الشرقية سعد بن محمد المقبل ل "الوطن" إن إيقاف منح الأراضي جاء بمرسوم ملكي لإعادة دراستها، مؤكداً أن عدد الحيازات الزراعية في مدينتي الدمام والقطيف وحدهما تتجاوز 5 آلاف مزرعة، مما يعني أن المنطقة الشرقية تحظى بعدد كبير من المزارع، إلا أن بعضها لا تستخدم بغرض إنتاج الثمار في الوقت الذي تتطلب كمية كبيرة من المياه، الأمر الذي يمثل مشكلة لدى الجهات المعنية، مشيراً إلى أن نسبة المزارع المطبقة لأنظمة الري الحديث تجاوزت 85% حسب إحصائية وزارة الزراعة. من جهته، قال أحد المستثمرين والمطورين العقاريين في المنطقة الشرقية طلال الغنيم إن وقف منح الأراضي الزراعية ساهم في ارتفاع أسعار المزارع، وخاصة القريبة من النطاق العمراني، مشيراً إلى أن توجه شرائح متعددة من المواطنين إلى شراء المزارع وارتفاع حجم السيولة لدى المواطنين والإقبال على المزارع بهدف الترفيه ساهم في ارتفاع أسعار المزارع، مبيناً أن ارتفاع أسعار المزارع تركز في المزارع المطورة التي تضم منازل ونخيلا وجميع الخدمات، متوقعاً مزيداً من الارتفاع في الأسعار، وبخاصة في المزارع القريبة من النطاق العمراني. وبين الغنيم أنه من المتوقع أن يقوم المستثمرون العقاريون بالاستثمار في المزارع القريبة من النطاق العمراني في انتظار تحويلها إلى سكنية، مما سيدفع إلى مضاعفة الأسعار، وذلك لوجود شائعات بقرب ضمها إلى النطاق العمراني، وبالتالي السماح بتحويلها من قبل وزارة الزراعة ووزارة الشؤون البلدية إلى أراض سكنية، مؤكداً أن بعض القرارات يساهم في رفع أو خفض الأسعار، حيث شهدت المزارع انخفاضاً في الأسعار يصل إلى 25% بعد قرار وزارة الزراعة بعدم تجزئة المزارع الكبيرة. وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي في المنطقة الشرقية الدكتور بسام بودي إن قرار إيقاف منح الأراضي الزراعية في مدن ومحافظات المنطقة يؤدي إلى وجود توقعات معينة لدى شرائح مختلفة تدفع إلى حدوث مضاربات محمومة على الأراضي الزراعية تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، مؤكداً أن منح الأراضي الزراعية لا تتحول إلى أراض زراعية منتجة، حيث يحتفظ بها ملاكها للاستفادة من قيمتها وبيعها بعد ارتفاع ثمنها بهدف تحقيق الكسب المادي من ورائها، مما يضر بالزراعة بشكل عام في المنطقة، في حين تعمل كثير من الدول على عدم منح الأراضي الزراعية للمزارعين أو لمن يعمل على إحيائها، وإنما يتم تأجيرها عليهم تأجيراً طويل المدى يمكنهم من خلال هذه المادة الاستفادة من الأرض بعد زراعتها بالمحاصيل الزراعية، ولتضمن الدولة عدم إهمالها أو تركها لاستثمارها خلال المدة القصيرة من خلال بيعها بعد تملكها. وبين بودي أن البعض ممن حصل على صك امتلاك أرض زراعية كبيرة يبدأ في التفكير بتحويلها من أرض زراعية إلى سكنية، حيث ستضاعف هذه الخطوة الأرباح المالية، في حين أن الأراضي المحيطة بالنطاق العمراني معظمها زراعية، وهو ما يحد من التطور العمراني في المنطقة. ولكن منع وزارة الزراعة تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية يهدف إلى عدم انسياق الكثير إلى القيام بهذه الخطوة، التي تضر بالجانب الزراعي في المملكة. وأكد أن ما يحدث الآن هو "مضاربة" على تلك المزارع نتيجة لقرار منع منح الأراضي الزراعية في المنطقة، ولكنه لا يتوقع تواصل الزيادة في أسعارها، لاسيما الأراضي الزراعية البعيدة عن النطاق العمراني، إضافة إلى منع وزارة الزراعة تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية أو صناعية، وهو ما يحد من ارتفاع الأسعار في الوقت الراهن.