"لا لا لا لا للتدخين" أهزوجة صدحت بها حناجر الأطفال وتردد صداها في جنبات أحد المولات التجارية بوسط جدة، "كرسالة مباشرة" للتحذير من خطر التدخين. وأصبحت "المولات" في منطقة مكةالمكرمة أخيرا مواقع جديدة لانطلاق حملات مكافحة التدخين خاصة في يومه العالمي الذي حددته منظمة الصحة العالمية 31 مايو من كل عام. وفي أحد تلك المولات كانت الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين والمخدرات بمنطقة مكةالمكرمة "كفى" تنفذ مرحلتها الأولى في تطبيق خطتها الوطنية السادسة لمكافحة التبغ في 6 محافظات بالمنطقة، مستخدمة المولات كأحد العناصر الأساسية في توعية مجتمعها المحلي. وهي الخطوة التي بررها رئيس مجلس الإدارة الشيخ عبدالله العثيم في حديثه إلى "الوطن" بالإقبال المتزايد على المولات والمراكز التجارية من قبل السكان المحليين والمصطافين. واختارت "كفى" أن تقدم فعالياتها بطريقة ابتعدت فيها عن الأساليب التقليدية، فحضرت العروض المسرحية وأهازيج الأطفال في مكافحة التدخين، بالإضافة إلى مقاطع من المجسات الحجازية، وتوزيع الجوائز العينية التي خصصت في أغلبها للأسر. وأكد المدير التنفيذي للجمعية صلاح الزهراني على معلومة أن "فعالياتهم" مستمرة طوال العام كأساس لعمل الجمعية. وأكد أن الجمعية غطت 90 % من مدارس محافظة جدة، في مجال توعيتهم الوقائية التي يقدمونها خاصة للطلاب". وأشار إلى أن "كفى" مقدمة على تطورات كبيرة في مجال التوعية من أضرار التدخين، كجزء من استراتيجتها لمواجهة التدخين، ذكر منها توجه الجمعية صوب عمل الشراكات التوعوية مع قنوات الإعلام الجديد بشكل عام، وبرامج اليوتيوب الشهيرة بهدف تمرير الخطاب الواقعي مع جمهور الشباب الذين يمثلون أهم شريحة سكانية في المجتمع المحلي والذين يتسيدون أيضاً مستخدمي تلك الشبكات. وشدد الزهراني في حديثه إلى "الوطن" على ضرورة تبني مبادرات وقائية على مستوى محدد يتعلق "بحظر التدخين القسري" في بيئات العمل لحماية غير المدخنين. وأشار استشاري طب المجتمع الدكتور خالد سلطان إلى معلومة حيوية تتعلق بما أسماه "انقلاب هرم مكافحة التدخين" من مربع الجانب العلاجي إلى مربع الجانب الوقائي. وأضاف أن التركيز السابق في المكافحة كان يتحدد ب 80 % للعلاج الكفاحي عبر الأساليب العلاجية المختلفة مقابل 20 % لطرق الوقاية". إلا أن التوجه الحديث في عمليات الإقلاع عن التدخين انحاز للصحة الوقائية بنسبة 60%. وأوضح أن معدل الإقلاع عن التدخين باستخدام الأسلوب العلاجي لا يتجاوز نسبة 30- 40 % وهي نسبة ليست عالية، إذا ما قورنت بمعدل الانتكاسة في نفس النسبة من المقلعين عن التدخين والتي تصل إلى مشارف ال 80 %. وقدم نصيحة للمراكز الصحية التوعوية والعيادات الخاصة التي تقوم بمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين باستخدام طرق علاجية مختلفة، وعدم الاعتماد على علاج واحد في ظل وجود أكثر من 16 مدرسة علاجية عالمية لمكافحة التدخين. وأشار إلى أن تكلفة علاج المدخنين مرتفعة، ومع ذلك فإن شركات التأمين لا تدخلها ضمن خدماتها العلاجية، متهماً نفوذ شركات التبغ بالوقوف وراء ذلك الوضع. وتعتبر أفضل التجارب العالمية في مكافحة التدخين بالترتيب هي التجربة البريطانية، ثم تجربة الولاياتالمتحدة الأميركية، وأستراليا وكندا. وتشير منسقة مكافحة التدخين في إدارة الصحة العامة بجدة الدكتورة منال شمس إلى أن المملكة استفادت كثيراً من تجارب الدول السابقة في مجال التوعية في الأماكن العامة وتدريب الكوادر الطبية على مسارات التوعية للمرضى. وحتى الآن لا تتوفر إحصاءات رسمية على المستوى الوطني لأعداد المدخنين في المملكة، إلا أن معدلات التدخين المعتمدة لدى الأطباء تتراوح بين 25 إلى 30 %، أي بمعدل مدخن بين كل أربعة سعوديين، وتعود آخر إحصائية محلية لأعداد المدخنين إلى عام 1996.