26 رمضان 1439، كان موعدا للحدث السعودي الأبرز على مدى المئة عام السابقة، والذي لا يجرؤ على صناعته كحدث غير سلمان الحكمة والبصيرة، وذلك حينما نقل الحكم السعودي، من نظامه الأفقي المعتاد بتولي أكبر أبناء المؤسس -طيب الله ثراه- الحكم ثم الذي يليه سنا، إلى نظام يسمح، بتولية أبناء الأبناء، وكان من نعمة هذا القرار وفضله، أن بث في عروق الدولة التي قاربت التسعين عاما، عوامل البقاء والرسوخ والترقي، وكان من فضله أن بثّ دماء الشباب لتعود السعودية فتية غضّة، وكان فضله الأهم والأبرز أن جعل رجل الحاضر والمستقبل الأمير محمد بن سلمان عرَّابا لعهدٍ جديدٍ وسعوديةٍ جديدةٍ. وفيما يلي أكتب لكم في ذكرى تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، عن بعض إبداعات ولاية العهد السعودية على طريقتها الجديدة والتي عادت إلى أصلها كما كانت في الدولتين الأولى والثانية من حكم الأسرة المالكة الكريمة: (1) أصبح الأمير محمد بن سلمان أيقونة سعودية بارزة، وبات محل تقليد للشباب بلحيته الأنيقة التي تملأ وجهه الكريم، وبات الشاب السعودي يعتاد لبس الشماغ الأحمر -الهوية السعودية الأبرز في اللباس- متابعة وحبا في الأمير، الذي جاء ليصنع الفرق في كل شيء، بل صار تحرر الأمير محمد بن سلمان المستمر من «المشلح» الذي يقيد المسؤول عادة عن التحرك الحر المنطلق، سمة بارزة للمسؤولين شبابهم وكهولهم. (2) أداء الدولة والحكومة بدأ ينتقل من تعافٍ إلى تعافٍ، بفضل الله ثم بجهود المخلصين والعبقريات التي حررها ولي العهد السعودي من قيد التقليدية والنمطية العملية والبيروقراطية المتخلفة، لتنطلق في سماء الإبداع والإنجاز، متوافقة مع أسمى وأعمق نظريات الحكم الرشيد والإدارة المحترفة. وقبل تولي الأمير محمد ولاية العهد، قام بإدارة الملفات الأهم من بداية عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وأهمها الخطوة الكبيرة والواسعة في معالجة الفساد، والتي اختصرت كل الدراسات والنظريات بالعزم الجازم على اجتثاث الفساد من جذوره رحمة بالمواطن، وتمهيدا لمستقبل الوطن. (3) في 26 أبريل 2016، أعلن الأمير محمد عن رؤيتنا 2030، وهو أمر لم يستوعبه الشارع السعودي بشكل كامل، ليس لأنه فوق مستوى فهم المواطن السعودي المتعلم والفاهم والحاذق، بل لأنه كان طريقة جديدة في إدارة شؤون الدولة، وبعد حملة رائعة وتفعيل جاد ومباشر لبنود الرؤية بدأت تتضح، وبدأت هذه الرؤية ترفع معنويات السعوديين، خصوصا فئة الشباب منهم، وبالتحديد المبدعين والأذكياء، الذين تيقنوا أن الحلم هنا في بلدهم وليس في مكان آخر. (4) أيقنت الحكومة في العهد الجديد أن إثارة الدهشة، وملامسة مواطن الإبهار لإسعاد البشر أضحت من مهام الدول التي تحب شعوبها وتحترم مواطنيها، فصدقت هذا القول بالفعل حينما أقرت في مايو 2016، إنشاء الهيئة العامة للترفيه، والتي تُعنى بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه، وأَعْتَبر هذا القرار من أهم القرارات التي جاءت داعمة للمستقبل الزاهر المنتظر 2030، لما للترفيه وصناعته من قدرة على إضفاء ميزة تنافسية للمدن السعودية، وخلقها كبيئة جاذبة لرؤوس الأموال والمشاريع والعقول عالية الكفاءة. (5) دشّن الأمير محمد بن سلمان عصر الانفكاك عن القيود المستحكمة على المرأة السعودية، لتعود من جديد إلى وضعها المفترض عقلا وشرعا، إذ هدفت رؤية السعودية، إلى زيادة مشاركة النساء في قطاع العمل بنسبة كبيرة بحلول 2030، وبما أن الحكومة في عهدها الجديد لا تعرف التثاؤب، ولا التباطؤ، فقد بدأ العمل على تعزيز وضع المرأة السعودية بحزمة قرارات، تندرج ضمن سياسات جديدة للسعودية يقودها ولي العهد الذي وعد بالعودة إلى «إسلام وسطي معتدل منفتح على العالم وعلى جميع الأديان»، وهو من أثبتت الأيام والمواقف أنه إذا قال فعل. (6) حلمنا السعودي الذي صاغه الأمير، والمتمثل في: أن تكون السعودية العمق الإسلامي والعربي، وأن تكون قوة استثمارية رائدة، وأن تكون محورا لربط القارات الثلاث، لا يقوم إلا بالتسويق للسعودية كواجهة عالمية ثقافية واستثمارية ذات عمق ديني وقومي راسخ، منفتحة على العالم، ومن هنا جاءت أفكار الحياة التي تدفقت في شرايين السعودية الفتية، وكأنها أخذت العزم لصعود قمة أعلى من كل القمم السابقة، فجاءت استضافة افتتاح سباقات فورمولا إي، ثم شتاء طنطورة الذي ثبت القدم السعودية على هامة الإنجاز وصناعة الإبداع. (7) ولي العهد المسدد وضع أمامنا -نحن السعوديين- بلا أي تصنيف كان، ووفقًا للهوية الوطنية فحسب، فرصة عظيمة للمشاركة الحقيقية في بناء مستقبل السعودية، ومستقبل أبنائنا، يدا بيد، دون الخوف من أي شيء، خصوصا بعد المراجعات الكبيرة للخطاب الديني السعودي الرسمي، وتقويم الخطاب الديني السعودي غير الرسمي الذي أنتجت الصحوة أدواته، والتي كان من أبرزها فتنة التكفير، والتأليب على ولي الأمر، وغيرها من المشاغبات التي اتضح لكل أحد أنها إملاءات خارجية. نافذة أيقنت الحكومة في العهد الجديد أن إثارة الدهشة، وملامسة مواطن الإبهار لإسعاد البشر أضحت من مهام الدول التي تحب شعوبها وتحترم مواطنيها