"الجوازات" تستعرض لزوار مؤتمر ومعرض الحج بجدة مبادرة المسار الذكي    وزير الخارجية يلتقي رئيس البرلمان ورئيس مجلس النواب في مملكة تايلند    مذكرة تفاهم بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية وشركة إسناد المستقبل للمقاولات لدعم خدمات الحجاج والمعتمرين    رئيس مجلس الشورى يستقبل سفير جمهورية كازاخستان لدى المملكة    روسيا : ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 9.86 %    ‫ القبض على قاتل مواطن سعودي في الأردن    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في ندوة (الإرجاف وسبل مواجهته)    مطوفي حجاج الدول العربية تدشن فرع للعمرة .. وخدمات "الحج المباشر"    تمديد فترة التقديم لبرامج الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية    استشهاد 9 فلسطينيين في غزة    وزير الزراعة في الإدارة السورية الجديدة يلتقي فريق مركز الملك سلمان للإغاثة    آل الشيخ : الإسلام دين راسخ لا تهزه محاولات التشويه والمملكة ستبقى صامدة ومخلصة في الدفاع عنه    شركة HONOR تُطلق Magic7 Pro في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المستقبل هُنا مع ميزات الذكاء الاصطناعي وأحدث الابتكارات في عالم الهواتف الذكية    هل تشعل «سانتا آنا» النيران في كاليفورنيا ؟    لوحة «م ك ه 2025».. هوية برؤية عصرية    3,202 موقع جديد في سجل التراث العمراني    مدير الأمن العام: نعمل على سيناريوهات مخاطر متوقعة مع تحديات الحج    وزير الطاقة: نتطلع لتوطين سلسلة توريد «المعادن».. وطموحنا يتجاوز المحتوى المحلي    الموافقة المسبقة من الجهات الحكومية.. شرط للتعاقد من الباطن    «المتصدر والوصيف» يواجهان الفتح والرائد    بعد دخولهم «الحرة».. إدارة الوحدة تفاوض 4 لاعبين للتجديد    "المتاحف" تحتضن معرض العبقري "هوكوساي" للفن المعاصر    تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي في أعمال الدفاع المدني    الغامدي يصدر قراره بتمديد تكليف العتيبي مديراً لإدارة الخدمات المشتركة    تشديد العقوبات الأميركية يحد إمدادات النفط الروسية للصين والهند    العدالة والعربي في قمة ملتهبة.. الزلفي يلاقي نيوم    حسين العليان: ضحى بمستقبله الكروي إخلاصاً للهلال    الدارة جسر حضاري    سعود بن بندر يطلع على جهود الأمر بالمعروف بالشرقية    إستراتيجية لتعزيز السياحة البيئية بمحمية الملك عبدالعزيز    ارفع رأسك فوق.. أنت سعودي    فليم فلام    إنجاز طبي سعودي.. تطوير دعامة لفقرات الرقبة    قافلة تجمع الرياض الطبية تنطلق السبت إلى الخرج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يجري استبدال مفصل ركبة بتقنية الروبوت الجراحي    أنشيلوتي.. المدرب الذي كسر القاعدة    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    الإعلامي إبراهيم موسى يحصل على دبلوم إدارة الأعمال    أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس أمناء «قبس»    دوائر الغبار    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    أخيراً «صفقة غزة» ترى النور.. والتنفيذ «الأحد»    مركز الملك سلمان يواصل إغاثته للشعب السوري    آل باعبدالله وآل باجميل يحتفلون بعقد قران عبدالرحمن    الفنان عبدالله رشاد يحتفل بزفاف أسرار وإياد    «البلاد» ترصد أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري السعودي    الشتاء.. نكهة خاصة    الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    لا تنمية دون تصنيع!    صلاح للأهلي    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    وللشامتين الحجر!    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    هدنة مشروطة تحت الاختبار في غزة    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيران العقل والقلب
نشر في الوطن يوم 24 - 05 - 2019

كل مَن جاورك في المكان يسمى جاراً، ابتداءً بجيرانك في الحي الذي تقيم به، مروراً بمكاتب زملائك المجاورين لك في العمل، وانتهاءً بجيرانك المتابِعين لحساباتك في مواقع التواصل الاجتماعي، هؤلاء الجيران جميعا قد لا يدخلون ضمن دائرة اختيارك تماما، فجارك في الحي ليس من اختيارك، خاصة إذا سكنتَ قبله، ثم جاء منزله مجاورا لمنزلك، وزملاء العمل أتت بهم الضرورة الوظيفية إما لنقص في دائرة العمل، أو تم نقلهم لترقية أو تأديب، وقد تجد في وسائل التواصل الاجتماعي مرونة أكثر في اختيار الجيران، بالاقتراب من جار مهذب ونافع فيما يكتب، أو الابتعاد عن جار لا يكف عن الأذى في سلوكه والخطأ في معلوماته.
يراعي الجيران أصحاب التهذيب والوعي حقوق بعضهم بعضا، فالجار المحترم في الحي يعرف حدوده المكانية والزمانية، ويتعامل مع جاره تبعا لهذه المعرفة، فلا يقف بسيارته في الموقف المخصص لجاره، ولا يطرق باب جيرانه في أوقات غير ملائمة، وكذلك الحال مع جيران العمل، إذ يتعاونون فيما بينهم لتحقيق مصلحة العمل، ويدركون أنهم أجراء جميعا لدى رب العمل، ويجعلون تحقيق النتائج الجيدة هدفا لدائرة العمل التي تجمعهم، وتشبه وسائل التواصل الاجتماعي الأحياء السكنية، فهذا جارك الذي تتابعه ويتابعك، تقرأ له ويقرأ لك، تدعمه وتثني على الإبداع في أفكاره، وذاك جار بعيد، تقرأ له من حين لآخر، قد تتفق معه فيما يطرح، وربما تجد في كتاباته ما لا يروق لك، ويبقى لكل فرد اختياره وذوقه الفكري.
من أكثر ما يصيب الإنسان بالإزعاج والأذى النفسي مجاورته لشخص لا يطاق، هل يمكن أن تتحمل جارا يمارس معك صنوفا من التعدي وعدم الاحترام؟ أنت لست مضطرا لتحمّل هذا النوع من الجيران، إما أن تطلب من جيرانك الآخرين أن يساعدوك في كف أذاه، أو تذهب إلى جهة رسمية تضبط سلوكه، ولعلك تختار الانتقال إلى منزل بعيد عنه، ولا يختلف الأمر كثيرا عن جارك المؤذي في العمل، مَن ذا يصبر على زميل طبعه الوشاية؟ أو آخر لا يعبأ بأخلاقيات المهنة؟ ستجد نفسك مكرها على الانتقال لبيئة عمل أكثر إيجابية، ومن حسنات مواقع التواصل الاجتماعي أنها شبيهة بالواقع، حيث تتيح فُرصا لاختيار الجار الخلوق والمفيد.
لكل مرحلة عمرية وعقلية رغباتها في الأفكار، فما تقرؤه وأنت طفل يختلف بطبيعة الحال عن قراءاتك في سن الشباب وما يليه من سنوات، بل إن الجميل والمدهش في هذا الشأن أنك قد تقرأ كتاباً في فترة الشباب، ثم تقرؤه بعد ذلك بسنوات، وقد تَزيّن رأسك ببعض علامات الوقار؛ وإذا بأفكار جديدة تضيء في عقلك، وتصل بك إلى أبعاد أخرى في صفحات الكتاب ووجهة نظر مؤلفه، ولعلك كنت لا تستسيغ هذا الكاتب أو الأديب في سنوات خلت، لكنك ترى في الوقت الراهن أنه كاتب جدير بالاهتمام، فتضعه مع جيران عقلك السابقين من كُتاب وأدباء، هذا الإنسان لم يتغير، بل أنت الذي نضجتَ اليوم فكريا.
يحرص من له حظ من الفطنة على انتقاء الجدير بمحبة قلبه، ويأخذ من المواقف والأيام دليلا قاطعا على صدق هذه المحبة وحقيقتها، ولا يأبه أن يخطئ صديق أو حبيب مرة أو مرات، فله بدل العذر ألف عذر، نهجه في ذلك ما قاله الشاعر بشار بن بُرد:
إذا كنت في كل الأمور معاتِبا
صديقك لم تلقَ الذي لا تُعاتِبُه
فعِش واحداً أو صلْ أخاك فإنّهُ
مُقارف ذنبٍ مرّةً ومُجانِبُه
إذا أنت لم تَشربْ مراراً على القذَى
ظمِئْتَ وأيُّ الناس تصفو مَشاربُه؟!
وهكذا يبقى الأصفياءُ من الناس جيران القلب، لا يأنس إلا في قُربهم، ولا يطيبُ العيشُ إلا بوجودهم.
يا رفيق الحرف، ليس من شأن أحد أن يختار لك جيران عقلك وقلبك، فهذا شأنك أنت، ومسؤوليتك الخاصة، وعليك أن تدرك أن ساعات يومك محدودة، وأيام شهرك معلومة العدد، وسنوات عمرك لها حد تقف عنده، يعلمه الله تعالى وحده، ويجب أن تختار في هذا الوقت والعمر ما يهبك سعادةً ومنفعة باقية، وتوفّر على حالك وعثاء الحياة وسوء منقلبها، أرأيت كيف يعيش هؤلاء السعداء؟ لقد نفضوا عنهم فضول الأفكار والعلاقات، ووقفوا مع أنفسهم موقف الحقيقة، وكفّوا عن الركض في طريق الوهم، وطوبى لك وأنت تفتح نافذة عقلك وقلبك على جار عزيز، لتشاهد ما يبهجك، وتسمع ما يضيف لحياتك قيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.