نحيا -نحن الشرقيين- على هذا النظام الدائمي في غالب عناصرنا وأدوارنا: - نولد لنتربى لنعمل ما نشتهي - ونعيش لنأكل لندفع الموت ونموت لأن حياتنا تمت وانتهت ولكن يحيا الغربيون على نظام آخر دائمي في كل عناصرهم وأدوارهم: - يولدون ليتعلموا كل مفيد - ويعيشون ليفكروا ويعملوا - ويموتون ليخلّدوا للغير آثارا راقية فهل تظن أن حياتنا تنطبق «ولو بعض الانطباق» على حياة الغربيين، أو تشابه بعض المشابهة حياة الغربيين، أو تقارب بعض المقاربة حياة الغربيين؟ لا وربي!. إذن: كيف نعتقد أننا أمة ذات قيمة في التاريخ، لها ما للأمم العظيمة الحية من الحقوق، وعليها ما على تلك من الواجبات العامة والخاصة!. أيفكر الغرب ويخترع ويكتشف ويصنع، ويبقى الشرق صامتا هكذا سادما نادما يعض اليدين؟! سياسة خرقاء، وكسل مميت، وفكرة حمقاء، وعجز وجبن، وسخافة وهراء، بل موت وأبيك أيها الشرق. أيها الشرق الأقصى «أو الأوسط حسبما اختلف فيك الملقبون» إياك أعني وأنت أريد. أما الشرق الأدنى فقد نهض وسعى وتقدم ونال حضارة لا يُستهان بها، وسابق الغرب وقد يسبق الغرب!. أجل، نهضت مصر فحازت مكانتها تحت الشمس، حازتها في السياسة والأدب والاجتماع والعلم والصناعة والمدنية والفن والنبوغ... إلخ. ونهض الريفيون -المغربيون- فأوقفوا دولتين من أضخم دول الغرب، وجالدوا حتى خلّدوا لبني أمتهم مجدا لا يمحى «وإن العالم لينظر بأمل هائل إلى نجاح ثوار سورية الأحرار». وقطعة مهمة من الشرق الأقصى نهضت أيضا لتنال حقها في الحياة لا جرم!. نهض اليابان وكانوا قبل نصف قرن كما أنت بحالتك اليوم، وها هم يبعثون إليك بآثار صنائعهم الزجاجية والترابية والزنكية والأنسجة وخلافها. ونهض من قبل هؤلاء -قديما- الصينيون، فحاربوا وانتصروا، واشتغلوا فنجحوا، وفكروا فعملوا، وسابقوا وسبقوا!. وأنت أيها المسكين الهادئ!. الصامت المبالغ المشمئز. قم وانهض، وانفض غبار الكسل، فعار وحرام وموجب للأسف -بل والبكاء- أن تبقى محاطا بالخمول متبرقعا بالكسل والانحلال، وتمرّ الأمم الصغيرة أمامك فتقطع في سعيها النافع أشواطا بعيدة، وأنت كجسر تعبر عليك المارة، ولا تتحرك من مكانك. قم وانهض، فسيباركك الله لأنك منجم الأديان. * خواطر مصرحة أحد رواد النهضة الأدبية وشعرائها البارزين ولد في جدة سنة 1324 أول رئيس للنادي الأدبي بجدة من مؤلفاته: تأملات في الأدب والحياة (مقالات) القاهرة: مطبعة العالم العربي، 1369ه/ 1950م. أماس وأطلاس (شعر) بيروت: مطابع دار الكشاف، 1372ه/ 1952م. الساحر العظيم، أو يد الفن تحطم الأصنام (شعر) دمشق: مطبعة القباني، 1372ه/ 1953م. خواطر مصرحة رؤى أبو لون (شعر) القاهرة: دار سعد، 1374ه/ 1954م. نحو كيان جديد (شعر) القاهرة: دار المعارف، 1375ه/ 1955م. قمم الأولمب (شعر) الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية. محرر الرقيق سليمان بن عبدالملك الأموي: اكتشاف وتحليل لشخصية إنسانية ثائرة. توفي يرحمه الله في عام 1400ه. (1)