قال الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبد المنعم إن أمير منطقة مكةالمكرمة، رئيس المؤسسة الأمير خالد الفيصل، حين أطلقها قبل أكثر من عشر سنوات أعلن أن من أول اهتماماتها التفاعل مع قضايا العصر والانفتاح على مجتمع المعرفة.. وجاء استرجاع عبدالمنعم في سياق تأكيد له خلال حديثه ل "الوطن" أمس عن إطلاق مؤسّسة الفكر العربي مشروع رصد وتحليل المحتوى الرقمي في الوطن العربي. وأضاف متابعا: المشروع هو الأول من نوعه عربيا في منهجية عمله، ومخرجاته، ويحاول أن يرصد كل المحتوى العربي، وسيكون هناك تصنيف دوري كل ثلاثة أشهر لأهم عشرة مواقع عربية، وبمعايير تمثل إضافة إلى معايير مؤسسة "الكسا" الدولية، حيث سيضيف الفريق التقني معايير أخرى للتصنيف. وإضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات إحصائية تفاعلية تُبث على الموقع الإلكتروني للمؤسّسة، كشف عبد المنعم عن عزم المؤسسة إصدار تقرير ورقي يتناول بالنقد والتحليل قضايا المحتوى العربي ومشكلاته، خاصة مشكلة التكرار الذي تفيد الدراسات أنه يمثل 70 % من المحتوى العربي، بينما لا يتعدى التكرار في المحتوى الإنجليزي ال 12 %. وعن الفارق بين البيانات الإحصائية الإلكترونية والتقرير الورقي قال عبد المنعم: إذا كانت قاعدة البيانات الرقمية التي توفر الإحصاءات المرتبطة بالتواجد النوعي والكمّي للمحتوى الرقمي العربي المتاح على مختلف قنوات النشر الموجودة على الإنترنت، هي قاعدة وصفية، فإن التقرير الورقي سيكون ضخما، ويمثل قاعدة نقدية، لكن كل مشروع منهما يكمل الآخر، فالتقرير الورقي الذي نتوقع أن يصدر بعد شهرين من إصدار قاعدة البيانات التفاعلية في نهاية يوليو المقبل، سيتضمن النقد والتحليل، راصدا المحتوى الرقمي في جميع مجالاته وتجلياته الثقافية والفكرية والأمنية، وسيكون متوجها لكل الجمهور العربي سواء كانوا من صناع القرار أو سواهم، ليقدم صورة العرب في شبكة الإنترنت، كما ستُسهم هذه القاعدة الرقمية في تحديد القيمة السوقية (المالية) لمختلف قنوات النشر العربية المتوافرة على الإنترنت ومنها المواقع والمدوّنات. وتشمل قاعدة البيانات التفاعلية ثمانية محتويات أساسية هي: المحتوى الاقتصادي، والمحتوى الاجتماعي، ومحتوى العلوم والبحث العلمي، والمحتوى التربوي التعليمي، والمحتوى الثقافي، والمحتوى العسكري والأمني، ومحتوى الإعلام والاتصال، والمحتوى السياسي والتشريعي، ويتفرّع كلّ محتوى إلى عدد من الموضوعات الفرعية. كما يشتمل المشروع على المعلومات المكتوبة بحروف عربية وصيغ توافرها، إضافة إلى الصور بشقّيها الثابت والمتحرك Videos والمنتجات الصوتية المصاحبة لها والمتواجدة في الصفحات العربية. أما المحتوى المرئي والصوتي المتوافر على مواقع بأسماء أجنبية فسيجري العمل على انتقائه من المواقع المهمة والجادة في هذا النطاق. وينطلق المشروع من مفهوم محدّد للمحتوى الرقمي العربي، بحيث لا يقتصر بالضرورة على ما تتيحه محركات البحث العالمية العامة والمتخصّصة على شبكة الإنترنت. وكانت أغلب الدراسات قد اتفقت فيما يشبه إجماعا على أن ضعف المحتوى الرقمي العربي يشكل أحد أهم العوائق التي تواجه خطة الدولة للتحول إلى المجتمع المعرفي، حيث يجد كثير من أفراد المجتمع صعوبة في الاستفادة من محتوى الإنترنت، الذي تسيطر عليه اللغة الإنجليزية بنسبة كبيرة، إضافة إلى لغات عالمية أخرى مثل اليابانية والألمانية والصينية وغيرها، بينما لا تشكل اللغة العربية سوى نسبة تقل عن واحد في المئة من إجمالي المحتوى الرقمي العالمي للغات الأخرى، لذا جاءت مبادرة الملك عبد الله للمحتوى العربي انطلاقا من الدور الذي تلعبه المملكة في العالمين العربي والإسلامي. ويرجع انخفاض نسبة المحتوى الرقمي العربي إلى عوامل من أبرزها عدم وجود سياسات ورؤية مستقبلية واضحة لصناعة المحتوى الرقمي العربي، وضعف البنى اللازمة لإنشاء وإدارة صناعة المحتوى، إضافة إلى غياب التنسيق بين الدول العربية المعنية بهذه الصناعة. يشار إلى أنه يُقصد بالمحتوى الرقمي العربي جميع المعلومات أو المواد المعرفية، سواء كانت نصية أو مواد مسموعة أو مرئية أو أشكالا أو برامج، والتي تكون متاحة باللغة العربية في الإنترنت. ويشتمل المحتوى الرقمي في الإنترنت بشكل عام على كثير من المعلومات التي يحتاج إليها الفرد في شؤون حياته اليومية، بما في ذلك العلوم والمعرفة والاقتصاد والمال، والصحة والتعليم، والسياسة والاجتماع، والرياضة والترفيه. وهذا المحتوى الرقمي الهائل موجود في بنوك للمعلومات، ومواقع حكومية، وهيئات ومنظمات غير ربحية، وشركات، وجامعات، ومكتبات، ومراكز بحوث وغير ذلك. ويتم قياس مستوى المحتوى الرقمي للغة ما في الإنترنت من خلال مؤشرات؛ منها عدد الصفحات المتاحة في الإنترنت بتلك اللغة، وعدد المواقع، ومدى استعمال المواقع، ومدى وجود محركات بحث وأدلة بحثية بتلك اللغة، إضافة إلى بعض المؤشرات التي تعتمد على عوائد الدعاية والإعلان. يذكر أن المشروع يتألف من فريق تقني وهيئة استشارية، ويُسهم في تمويله مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي في شركة "أرامكو" السعودية.