أصبحت السياحة في الجزر والمناطق الساحلية المرتبطة بصيد الأسماك، وسيلةً أكثر إثارة لاستدامة قطاع السياحة والثروة السمكية في المملكة العربية السعودية، لا سيما خلال توفير فرصة ذات قيمة جيدة للصيادين لزيادة دخولهم، وتطوير تجربة الصيد لتصبح تجربة سياحية أكثر تطورا. وهنا في المملكة العربية السعودية، تعدّ هذه الفرصة في جزيرة فرسان فرصةً ذهبية لتنمية السياحة البحرية، خلال التركيز على تنويع أنشطة الصيد وإشراكها في قطاع السياحة والترفيه. علاوة على ذلك، تمثل إستراتيجيات الابتكار والاستدامة ضرورة للحفاظ على المزايا التنافسية للوجهات الداخلية التي تركز فيها السياحة على المناطق المحلية. وهنا على سبيل المثال، تزامنا مع انطلاق مهرجان الحريد السياحي في جزيرة فرسان، فهو المهرجان الوحيد الذي يقوم بدوره السياحي لتنمية السياحة المحلية في جزيرة فرسان، لعرض تجربة ثقافية تراثية فريدة، تعكس أصالة المجتمع الفرساني، وحفاظه على تراثه وموروثه المرتبط بصيد سمك الحريد. وتكمن أهمية المهرجان في منتج سمك الحريد النادر، الذي يوجد في موعد معين «نهاية أبريل من كل عام»، وفي مكان معين بجزيرة فرسان. ويعد مهرجان الحريد من أهم مهرجانات المنطقة الغذائية، الذي يفتقر إلى تطبيق إستراتيجية إدارة الابتكار والمخاطر، والاستدامة في تصميم تجارب سياحية متنوعة قائمة على وضع إستراتيجية تسويقية لتجربة سياحة التذوق (Tasting Tourism Experience)، والتي يجب أن تستهدف شريحة من عشاق وذواقة سمك الحريد في المهرجانات القادمة، بصبغة فرسانية الشكل والطعم والتجربة. إضافة إلى تصميم عروض الطهو، ومشاركة الطهاة المحليين بشكل احترافي يمثل هوية المجتمع المحلي، وإقامة ندوات ومحاضرات تعليمية مصاحبة. هذه التجربة التعليمية يجب أن تقوم بتأهيل الصيادين معرفيا، وبعرض معلومات كافية للزوار عن الحريد بأنواعه، مع عرض ثقافة الصيد الفرساني. وهنا، مهرجان الحريد وحده لا يكفي للتنمية، بل إن هناك حاجة ضرورية لوضع إستراتيجية لتنمية السياحة في جزيرة فرسان طوال العام، والقضاء على الموسمية خلال تطوير قطاع الصيد والثروة السمكية، وتأهيل البنية التحتية للصيادين، وتركيز الاستثمار على إنشاء مطار وفنادق ومنتجعات بيئية ومطاعم سياحية، تركز على تقديم الأكلات البحرية والمحلية الشعبية للمناطق الساحلية في الجزيرة، إضافة إلى تأهيل ودعم الصيادين وتوفير فرص وظيفية، وزيادة عدد الرحلات البحرية عن معدلها الحالي، حتى تصبح تجربة سياحية مستدامة طوال العام. وقد لوحظ -مؤخرا- من الزوار، أن هناك عبثا وفوضى في تنظيم مهرجان الحريد، خلال أنشطة الصيد الجائر غير المنظم من الزوار، وهنا نطلب من الجهات المعنية، مثل: وكالة الثروة السمكية، ووزارة المياه والبيئة والزراعة، رصد مخاطر هذه الأنشطة التي باتت خطرا يهدد استدامة السياحة، واستدامة وجود هذا النوع من الأسماك المهاجرة الفريدة على مستوى العالم إلى جزيرة فرسان في السنوات القادمة. إضافة إلى أن هناك حاجة لوجود مشروعات تسهم في الحماية والحفاظ على التنوع الحيوي في جزيرة فرسان من الانقراض، مثل: الأسماك والطيور المهاجرة التي توجد فيها، والغزال الأدمي الفرساني، ونبات العرعر. جزيرة فرسان تُعدّ محمية بيئية ثقافية تستحق الاهتمام والعناية، لأجل مستقبلها السياحي والبيئي، مثل إنشاء مراكز بحثية متخصصة لحماية هذه الأنواع البيولوجية، إضافة إلى وضع برامج تعليمية في الجامعات الموجودة في المنطقة، مثل جامعة جازان التي بدورها تقوم بتدريس علوم البحار والبيئة والثروة السمكية.