بموازاة تحديات الفقر والتنمية التي تواجه اليمن، برز مشروع كثر الحديث عنه خلال الأيام الماضية، وهو بناء جسر عملاق يصل بين اليمن وجيبوتي عبر مضيق باب المندب، بطول يصل إلى قرابة 29 كيلومتراً، وبتكلفة إجمالية قد تتجاوز 20 مليار دولار. وسيكون الجسر أكثر من مجرد حلقة وصل بين دولتين، بل سيربط ما بين الشرق الأوسط الثري بالنفط وقارة أفريقيا الغنية بالموارد، في أول مشروع من هذا النوع منذ الحديث عن الجسر المصري -السعودي، وقد يبدل الوضع الاقتصادي الصعب على ضفتي البحر الأحمر، عبر مشاريع المدن الصناعية والمناطق الحرة والمشاريع السياحية التي ستقوم في البلدين. ويقدّر البعض أن تنشط التجارة على طرفي الجسر بعوائد تبلغ مليارات الدولارات، خاصة مع إمكانية ربط آسيا بأفريقيا عبر سكك حديد من خلاله. يقود المشروع طارق بن لادن، الذي يرأس مجموعة "الشرق الأوسط للتنمية،" ، ورفض طارق الحديث لCNN عن الموضوع قائلاً إن الوقت "غير مناسب" لذلك، رغم أن ممثلين عن شركته يعملون على تسويق المشروع على أنه "فرصة العمر" للمهتمين. وتؤكد الشركة، التي تتخذ من إمارة دبي، في دولة الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، أنها خصصت 10 مليارات دولار للمشروع، تمثل نصف كلفته الإجمالية، وذلك لتشجيع المستثمرين على الانخراط فيه. وتقول مجموعة "الشرق الأوسط للتنمية،" إنها ستكشف قريباً أسماء العديد من الشركات والجهات المعروفة دولياً، والتي قررت المشاركة في المشروع، وتشير إلى أن الأرباح المتوقعة ستكون "أكبر من أن تقاوم." من جهته، قال محمد الأحمد، المدير التنفيذي لشركة "النور القابضة،" التي كانت قد أعلنت عن نيتها إقامة "مدينتي النور" عند أطراف الجسر في اليمن وجيبوتي في حديث لCNN: "سيكون الجسر قناة سويس جديدة معلقة في الهواء." وأضاف: "أكرر مجدداً أن أهم ما في هذا المشروع هو التجارة، فنحن نتحدث عن خلق سوق جديدة تماما، ويمكننا جلب النشاطات من مختلف أنحاء العالم إليها." ويتابع: "المشروع سيكون كبيراً على المستوى التمويلي، لكن الجميل فيه هو المدن المستقبلية التي تمثل حلماً." ولكن التحدي الأكبر أمام المشروع يتمثل في فرص نجاحه في البلد الذي سيشكل أحد مرتكزاته، وهو اليمن، فالسؤال الأساسي يتمثل في قدرة تلك الدولة الفقيرة على التحول إلى مركز تجاري واقتصادي. فاليمن يعتبر أفقر بلد في الشرق الأوسط، ويعاني من نقص كبير في الخدمات والبنية التحتية، إلى جانب النزاعات المسلحة، كما يشير الخبراء إلى عراقيل هندسية أمام المشروع، أبرزها المياه العميقة. يذكر أن فكرة جسر مماثل كانت قد طرحت بقوة قبل أعوام بين مصر والسعودية، حيث وضعت خطط لذلك، واختير الموقع الجسر من رأس حميد بالسعودية إلى شرم الشيخ بمصر، في موقع يمثل أقصر مسافة بين البلدين، وتبلغ 23 كيلو متراً. ولكن المشروع لم يكتب له النجاح، وتوقف الحديث عنه بعد تطورات سياسية واقتصادية، قيل إنها كانت تجري في الكواليس. وحسب ما نقلته وكالة الانباء الروسية امس : قال رئيس الوزراء الجيبوتي محمد ديليتا في مؤتمر صحفي تم فيه الإعلان عن إطلاق مشروع النور إن هذا المشروع سيساعد بلاده واليمن في مواجهة الفقر. وفي ما يخص تدبير المبلغ المطلوب لإقامة المشروع - حوالي 200 مليار دولار - يُفترض أن يحصل أصحاب المشروع على جزء منه من شركة الشيخ طارق بن لادن، وهي الشركة التي أسسها أبوه محمد الذي انتقل في منتصف القرن العشرين من اليمن إلى السعودية ليبدأ عمله من الصفر ويصل إلى ما تقدر قيمته اليوم بمليارات الدولارات، فيما يحصلون على البقية من مصادر شتى حول العالم. ولا بد من الإشارة إلى وجود عقبات على طريق مشروع النور، يشكل عدم الاستقرار السياسي في المنطقة إحداها. إلا أن أصحاب المشروع لا ينظرون إلى المشاكل السياسية على أنها عقبات منيعة لأنهم يؤمنون بأن حكومتي اليمن وجيبوتي ستدعمانهم سياسيا وفقا لما قاله السيد محمد أحمد الأحمد، المدير العام لمشروع النور.