جلى تأثير الحداثة على اللغة العربية في العديد من المجالات، ويمكن رصد هذا التأثير من خلال الوزن الذي اكتسبته اللغة العربية من الاقتران بالتقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي. و»وزن اللغة» هو الثقل أو الأثر الذي اكتسبته اللغة من التأثيرات الحديثة والتقنيات الجديدة، يعكس هذا المسمى الزيادة في التعرض للتطورات الثقافية والتكنولوجية وتأثيراتها اللغوية، وقد يشمل هذا التأثير التغييرات في المفردات، الأساليب اللغوية، وكيفية التواصل بين الناس في المجتمع، ومن المهم التعرف على هذه الجوانب التي أثرت عليها بشكل كبير، والتي تعكس التحولات الاجتماعية والتقنية والثقافية في المجتمعات العربية المعاصرة. نسبة التغير في اللغة العربية قد ازدادت بشكل كبير بفعل تطور العولمة والاتصال العابر للحدود، فالوسائل الحديثة للاتصال وتبادل المعلومات ساهمت في تغيير الاستخدامات اللغوية وفي سرعة نقل المفاهيم والمعرفة بالتواصل والتفاعل بين المتحدثين باللغة العربية. من الناحية اللغوية، بدأت الكلمات والمصطلحات الجديدة في الدخول إلى اللغة العربية، سواء من خلال الاقتراض المباشر من اللغات الأجنبية أو عن طريق تكيف الكلمات لتتناسب مع الاستخدام الحديث، تأثرت اللغة أيضاً بتقنيات التواصل الحديثة مثل مواقع التواصل الاجتماعي حيث انعكس ذلك على نمط التفاعل واستخدام اللغة.. بحيث استُحدثِت تغييرات على قواعد الإملاء والنحو وسياقات الاستخدام، مثل مسميات «الهاشتاقات» التي لا تعترف بالتاء المربوطة أو الهمزة على نبرة. ومع تزايد استخدام اللغة العربية عبر الوسائط الرقمية والتكنولوجية، فإنها أصبحت تشهد تحولات هامة وإن كانت خاطئة، لكنها دعمت تناغمها مع تطلعات وحاجات المجتمع الحديث. ويمكن القول إن الحداثة تظل تعد إحدى التحولات الهامة التي أثرت.. ورغم التحدث عنها بشكل عام لكن يبقى تأثيرها بمقدار كبير يبرز بين السطور. ولا زالت اللغة العربية قابلة للتحديث والتطوير.. ليس لأنها بحاجة إلى ذلك، ولكن لأنّ العصر الذي يتغير سريعاً ويتطور يحتاج إلى مفردات يتم تكييفها واستقاؤها من لغات أخرى، كي يصبح التواصل المعرفي أسهل، فمروراً بكلمة «إنترنت» التي لاقت جدلاً كبيراً في السابق، وصولاً إلى «هاشتاق».. وهو المصطلح الذي مرّ بشدٍّ وجذبٍ بين المهتمين باللغة ليخرجوا بتعريبه إلى «شائع» وهو الأمر الذي لم يستخدمه أحد على الإطلاق. من جهة أخرى يرى الكثيرون أنّ التغيرات التقنية الهائلة في الشبكة العنكبوتية وفي وسائل التواصل الاجتماعي على سبيل المثال.. قد أدت إلى ضعف اللغة وهي نتاجٌ للمدنية والحداثة، أو نتاجٌ للتأثيرات الخارجية المتعمدة والتي تهدف إلى تفتت الثقافات والهويات الوطنية، ناهيك عن رؤيتهم بأنّ اللهجات العامية المتعددة هي أكبر خطر يهدد اللغة العربية الفصحى، وقد تُخرج هجيناً من الكلمات واللهجات التي تهدد العربية في عقر دارها «بلاد العرب». هذا المناخ السائد في مواقع التواصل والإنترنت بشكل عام.. قد يكون اغتراباً ثقافياً يضعنا أمام تحديات صعبة، حيث لا يرى الكثيرون أهمية اللغة من خلال مقارنتهم بين استخدامها وإتقانها ومتطلبات سوق العمل مثلاً، وبين من يريد إيصال رسالته عبر المواقع والمتلقي البسيط الذي لا يستسيغ الاستماع إلى فصحى ترهق تفكيره بتفكيك مصطلحاتها ومحاولة الاندماج مع ما يتلقاه رغم استصعابه له. نقلا عن الجزيرة