صدر عن منشورات المتوسط-إيطاليا، كتاب شعري جديد للشاعر والكاتب السعودي عبدالله ثابت، بعنوان "الإلهاء الرائع" وبعنوان ثانوي هو "شدّ من أزر المستائين". عبر تقسيمات دالّة وحيوية يحوّل عبدالله ثابت في ديوانه هذا، مجموعة قصائد متفرقة، إلى كتاب شعري مقسّم إلى أقسام، أو أبعاد، يضم كل قسم، أو بُعد مجموعة قصائد بعناوين مختلفة تضفي على الكتاب نوعاً من الوحدة في اللغة، وكذلك في المحتوى: البُعدُ الدَّاني: حافَّةُ بر، تشغيلُ مضخَّةِ الرَّيّ، بمكرةٍ وحبل: مُرافعاتٌ نَشِطَة. البُعدُ العالي: طيران فوقَ الماء، سرةُ النَّجاةِ تحتَ المَقعَد! أَتَمَعْنَى. البُعدُ العُمقانِي: حلاوات مُستَلَّة مِن وراءِ الأيَّام! أَتَمَعنَى. بُعدُ الخَفَر: أفكارٌ أخرى عن الاحمرار! أَتَبَيْص. بُعدُ المرحِ: مُمازحاتُ التَّصميمِ الذَّكيّ، غُبار في مُصلَّ العيد. البُعدُ المُربِكْ: آخ منكِ، أيَّتُها الأيَّامُ النَّاسخة! بُعدُ المسرحِ المَفتُوح: بَيْنِيَّاتُ التَّمريرِ الشِّعْرِيّ. البُعْدُ الضّامّ: شريطٌ يتحرَّكُ بعجلة على الإلهاء! أَنْصُد. خلال قراءة الكتاب سيكتشف القارئ أن العنوان الفرعي "شدٌّ من أزر المستائين" الذي وضعه الشاعر لكتابه، لم يأتِ من قبيل لزوم ما لا يلزم، بل من قبيل الإمعان في الدلالة على النهج العام الذي يقتفيه الشاعر في انحيازاته الشعرية، بما يعنيه ذلك من انحيازات معرفية وفنية، وربما واقعية أيضاً. من طرائقه التعبيرية، على سبيل المثال، أنه أخذ إرشادات السلامة لدى الخُطُوطِ الجوِّيَّةِ السُّعُوديَّة، وناقشها شعريّاً، وقد أشار إلى أن العباراتُ بين علامَتَي التَّنصيص مُقتبسَة مِن إرشاداتِ السَّلامة تلك: "في حالةِ انخفاضِ الضَّغط، داخلَ المَقصُورةِ، ستسقطُ أقنعةُ الأوكسجين تِلْقَائياً.. سَارِعْ بتناوُلِ أقربِ قناعٍ إليكَ، شُدَّهُ للأسفل، ثَبِّتْهُ على الأنفِ والفمِ، ومن ثمَّ يُمكنُكَ مُساعدةُ الآخرين"
مهلاً! دَعُوني أُعيدُها.. لو كنتُ فهمتْ! أَحقَّاً.. عند الضَّغطِ والاختناق ستتدلَّى أقماعُ الأوكسجين مِن نفسِها؟! أوووه.. لمَ لا يحدُثُ هذا في الأرض! أرضِ المنغّصين.. مكفهرِّي الملامحِ والطِّباع، النَّاشبين بحُلُوقِنا بمجرَّدِ الخُرُوجِ مِن البيت البارعينَ في استفزازِ الأبواق؟! لمَ لا يحدُثُ هذا في الشَّوارع التي لا أدري مَنْ سمَّها بالسَّريعة وهي أقربُ للقِطَّةِ عَنَاء.. مِن يومِ الحشر؟! لمَ لا.. في المكاتبِ وحدائقِ الجُمُوع في عزائمِ الرِّيَاءِ ورسائلِ المَثُوبة؟! فيا ليتَ تلك الأقماع كانت ستسقطُ بهذا السَّخاءِ التِّلْقائي وقتَ حاجتِنا الأرضيَّة لأسبابٍ لا تُحصى أقلّها؛ وفرةُ الغباء.. والثَّقيلِين...".
سيكتشف القارئ أيضاً أن "الإلهاء الرائع" منقطع الصلة، إلى حد كبير، عن السائد الشعري العربي، وكأنه مكتوب بلا مرجعية، وكأنه، فيما يُكتب، فإنه يكتشف حقلاً آخر، جديداً للشعر.
أخيراً، صدر الكتاب في 168 صفحة من القطع الوسط. ضمن سلسلة "براءات"، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية. :عن الكاتب عبدالله ثابت، مواليد مدينة أبها 1973م، جنوب المملكة العربية السعودية، أصدر عشر مؤلفات، بين الشعر والرواية، وترجمت أعماله ونصوصه، إلى عدد من لغات العالم. من الكتاب: فِهرِسْت الحماقات، أنْ تتركَ النِّهاياتِ مفتوحةً في الحياة، لا في الرِّواياتِ والأفلام! أنْ تندفعَ بلا حُسْبَانٍ وراءَ طبيعتِك وقد مرَّنتْكَ اللَّيالي على تمارينِ التَّريُّث! أنْ تُلقي نُصُوصاً.. كنتَ قد كتبتَها بقلبٍ مَفطُور على مَعتُوهين! حماقة.. ألَّا تغتسلَ بعدَ مُصافحةِ المُنتهزِين ألَّا تضعَ القمامةَ - أيَّاً كانت - بغيرِ مكانِها وأنْ تشعرَ بالغُبْن، ولو أحياناً، على ما فات! أن تتَّكِئَ مرَّة أخرى على مَنْ خَذَلُوكَ مِن قبل، وألَّا تَنتبهَ جيِّداً.. لرُوحِكَ العارية!