الرئيس الأمريكي ترمب وقع في حزيران (يونيو) 2020 قانونا يفرض على الحكومة الفيدرالية ترجيح المهارات الفردية على الشهادات الجامعية في اختيار الموظفين. وبمجرد صدور القانون تأثر به أكثر من مليوني موظف حكومي تمت إعادة تقييمهم بناء على المهارة والكفاءة لا على الشهادة والتخصص. وهذا القرار لم يأت من فراغ، لأنه كان شائعا ومنتشرا في شركات القطاع الخاص التي تعتمد كثيرا على مهارات موظفيها الخاصة. كانت شركات التقنية في وادي السيليكون أول من رجح كفة الموهبة على الشهادة، ولم تكن تتردد في توظيف مراهق ماهر في البرمجة، ورفض كهل يحمل دكتوراه في الحاسب الآلي. رغم أن معظم الناس في مجتمعنا ما زالوا يتوظفون بشهاداتهم الرسمية، بدأنا نراعي عنصر الموهبة والمهارة التي تميز الأفراد عن غيرهم. واليوم لم تعد الشركات الرائدة تهتم فعلا بالشهادات التي تحملها، بل بالمواهب والمهارات التي تملكها. فالشهادات الأكاديمية يمكن أن يحصل عليها الجميع، والخبرات الوظيفية قد يسبقك فيها الجميع، أما الموهبة الشخصية والمهارة الاستثنائية فيمنحك الله إياها دون الجميع. حتى الأدوات الاستثمارية التقليدية "كالأسهم والعقارات والوحدات الاستثمارية" يمكن للجميع امتلاكها ومنافستك عليها، في حين لا يستطيع أحد منافستك على مواهبك التجارية أو مهاراتك الاستثمارية التي تعد ثروة شخصية في حد ذاتها. وكي لا نخلط بين المصطلحات، لاحظ أن هناك فرقا بين الموهبة والمهارة. فالموهبة، أصل فطري وقدرة فردية على فعل الشيء بعفوية وإتقان، وفي معظم الأحيان دون تعليم أو تدريب، ومثال ذلك الموسيقار النمساوي موزارت الذي أتقن بنفسه عزف البيانو والكمان قبل سن السادسة. أما المهارة، فقدرة مكتسبة يتم إتقانها من خلال التعلم وكثرة الممارسة واهتمامك الواعي بتطويرها، ومثال ذلك إتقان اللغات الأجنبية أو تصميم البرامج الإلكترونية، أو حتى صنع البقلاوة والتسديد بكلتا القدمين. المهارة العالية ترفع قيمتك في سوق العمل، في حين تتيح لك الموهبة إنشاء عمل مستقل أو مشروع ناجح، أضعهما شخصيا تحت مظلة الأصول الشخصية الثمينة، التي يراها الآخرون صعبة ومعقدة، في حين يمارسها صاحبها بسهولة ومتعة وإتقان، امتلاكك أيا منهما يمكن أن يكون "ليس فقط من أسباب رزقك" بل من أسباب سعادتك، لأنك حين تعمل في شيء تحبه، لن تشعر بأنك تعمل طول عمرك. نقلا عن الاقتصادية