عقد مؤخراً مؤتمر «الإعلام الوطني»، بتنظيم من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وضمن نقاط النقاش المكررة كان موضوع عدم الرضا عن مخرجات أقسام الإعلام بالجامعات السعودية. وجهة نظري التي أفصلها هنا - بناءً على طلب صديق إعلامي يقترح طرحها للنقاش العام - كانت حول إلغاء أقسام الإعلام في الجامعات بصفتها الحالية. الشكوى من تواضع خريجي أقسام الإعلام تحمل شقين؛ الأول يتعلق بالمهارات/ التقنيات الإعلامية المتخصصة، والثاني، بالمعارف والسلوكيات العامة. الإعلامي يجب أن يملك معارف لغوية وسلوكية واجتماعية وفكرية تمكنه من التواصل العام وفهم السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية، وهذا ما تحققه المواد العامة والتعليم الأساسي. كما يحتاج إتقان التقنيات المتخصصة في المجال الإعلامي. هذه طبيعة المهنة، لذلك ينجح ميدانياً من هو مُتمكن من أدواته المعرفية بشيء من التدريب في التقنيات الإعلامية والتطبيقات الميدانية، والعكس يكون أصعب؛ معرفة التقنيات الإعلامية دون معرفة لغوية وسلوكية واجتماعية وفكرية كافية، لا تصنع إعلامياً مميزاً.. مأزق أقسام الإعلام في الجامعات السعودية يتلخص في ثلاث نقاط؛ المدخلات، المحتوى (المناهج) وقدرات الأساتذة. المدخلات عبارة عن طلاب كثر قد لا يجدون مكاناً في أقسام أخرى أو قد يكون لهم أسبابهم يدخلون بعد الثانوية إلى أقسام الإعلام دون فحص لقدراتهم ومهاراتهم من ناحية مناسبتها لمهنة الإعلام ..إلخ. المحتوى، دراسة الجامعة محدودة بسنوات مطلوب خلالها تدريس معارف (علوم إنسانية عامة) إضافة إلى مواد التخصص في عالم متغير تقنياً ومهنياً. مناهج مزدحمة تصعب مهمة أية تطوير عليها. العنصر الثالث - مع التقدير للأساتذة- يكمن في تأهيلهم النظري البحت وضعف خبراتهم المهنية/ التطبيقية وعدم متابعتهم المستجدات، وهي للأسف طبيعة العمل الأكاديمي في كثير من التخصصات في جامعاتنا. ما هو المقترح الذي نطرحه لتطوير مهنة وتعليم الإعلام؟ بعد الاعتراف أو التعامل مع الإعلام، كمهنة وليس مجرد مجال معرفي عام، نقترح إلغاء تدريس الإعلام بعد المرحلة الثانوية، واعتباره تخصصاً تطبيقياً يدرسه خريج البكالوريوس، تحت مسمى ماجستير تطبيقي أو دبلوم أو بكالوريوس آخر (المهم الفكرة والمسميات ينظر فيها). سواء كان خريج علوم إنسانية أو لغوية أو علوم أو غيرها، وفق متطلبات قبول مقننة تراعي طبيعة ومتطلبات التخصص. في هذه الحالة سنضمن دخول الطالب الناضج عمراً ومعرفة ورغبة وسنتفرغ لتدريس المهنة فقط وليس المعارف العامة. الأمر الآخر المصاحب لذلك يتمثل في تغيير تركيبة أعضاء هيئة التدريس ليكون تدريس المهنة تطبيقياً. أقترح أن يكون 50 % منهم ممارسين للعمل الإعلامي، يستقطبون بشكل جزئي أو بالساعة... لمزيد من التفصيل لنموذج تعليم المهن الذي أقترحه، يمكن العودة إلى كتاب «جامعة 2030» الصادر عام 2018م عن الدار العربية للعلوم ناشرون. نقلا عن الجزيرة