تحظى السعودية بتاريخ مميز وطويل من العلاقات الدبلوماسية مع العالم، وتعمل على تطويرها بشكل مستمر، وذلك من خلال إقامة علاقات دبلوماسية مع جميع الشركاء حول العالم وعلى جميع المستويات الإقليمية والدولية. تسعى الرياض من خلال هذه العلاقات إلى تحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية، وبما يتوافق مع قوتها في منطقة الشرق الأوسط ووزنها الاقتصادي وعمقها التاريخي الدبلوماسي المعروف على مستوى العلاقات الثنائية أو متعددة الأطراف. تشكل الأقلمة أحد الاتجاهات الأساسية والجديدة في تطور النظام العالمي، وتتضمن عملية تفاعل بين الدول التي تشكل مناطق العالم. وتلاحظ اليوم أكثر من أي وقت مضى أن دول العالم تشكل نظما من العلاقات المستقرة مع جيرانها ومع مجموعات أخرى للتكامل الإقليمي الكلاسيكي المعروف أو التعاون عبر القارات، وبرزت "الأقلمة" في العقود الأخيرة بشكل واضح، لأن النظام الحديث في العلاقات الدولية لم يعد في حالة توازن منذ عقود، ويمكننا الإشارة إلى ما بعد التسعينيات الميلادية وما بعدها من الأزمات كأزمة السلاسل العالمية وكورونا والأزمة الروسية الأوكرانية. وتعد منظمة شنغهاي واحدة من أبرز النماذج الهجينة والمختلطة، حيث أسست في 2001، وتضم اقتصادات مهمة، مثل: الصين والهند وروسيا وباكستان ودول أخرى، وتربطنا بها علاقات اقتصادية، حيث تشير الأرقام إلى أن حجم تجارة السعودية مع دول منظمة شنغهاي يصل إلى 28 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية، ويعزز انضمامنا إلى منظمة شنغهاي التزام المملكة بتحقيق التوازن الدبلوماسي الاستراتيجي، ويمكن لهذه العلاقات أن تسهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، وتوفير فرص واسعة في مجالات الطاقة والتجارة والأنشطة المالية والاستثمار والتصنيع والزراعة والنقل والاتصالات والجمارك، ولا سيما أن منظمة شنغهاي تعد حاليا أكبر اتحاد إقليمي في العالم من حيث المساحة الإجمالية والسكان والإمكانات الاقتصادية لمجموعة الأعضاء. أخيرا، تسعى الرياض إلى استمرار تحقيق التوازن الاستراتيجي لمصالحها من خلال انضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون كشريك حوار. وتمارس الرياض دورا محفزا في توازن العلاقات الدولية الجديدة، ويمكن للسعودية أن تستفيد من هذه العلاقات لتعزيز الأمن الاستراتيجي في المنطقة، وتعزيز التعاون العالمي وعلى جميع المستويات، لأنها تقف وعلى مسافة واحدة من الشرق والغرب اقتصاديا وسياسيا، وفي الوقت ذاته يعد وجود نصف النادي النووي العالمي في مجموعة واحدة دعما إضافيا للحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي للعالم. كما أن وجود دولة مثل المملكة ضمن منظمة شنغهاي يقدم تدابير وقائية للحد من انتشار الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية ونزع فتيل التوترات والصراعات الإقليمية والعالمية بما تملكه من قدرات دبلوماسية ونفوذ عالمي، ومن المؤشرات الإيجابية على نجاح منظمة شنغهاي زيادة عدد الأعضاء وتنامي التعاون بين الدول وتوسيع نطاق الاستثمارات المشتركة، وستكون المملكة في نهاية المطاف إضافة جوهرية للمنظمة علاوة على أنها البنك المركزي للنفط في العالم. نقلا عن الاقتصادية