من المعلوم أن تطور ورُقي أي مجتمع يقاس بدرجة التطور الثقافي والاجتماعي للمرأة، ومدى مساهمتها الفعالة في البناء الحضاري للمجتمع، فالمجتمع الذي يصل إلى احترام المرأة والتعامل معها كإنسان متكامل له كامل الحقوق الإنسانية، وآمن بدورها المؤثر في بناء وتطور المجتمع يكون مجتمعاً قد بلغ مرحلة من الوعي الإنساني، وفهم أسس التربية الإنسانية الصحيحة؛ فهذا ما شاهدناه في أغلب الدول العربية فنجد دولة مصر العظيمة تشغل المرأة نصف عدد الوزارات وأيضا يشغل المجلس القومي لحقوق الإنسان امرأة وشغلت المرأة جميع المناصب السياسية وتقلدت جميع المناصب القيادية؛ فنجدها قاضيا ودكتورا وعضو مجلس نواب وظابطا؛ وإذا نظرنا إلى دولة الإمارات الشقيقة؛ نجد أنهم علموا جيدا أن أهم عامل لنهضة الدولة يتمثل في (المرأة)، وأن المرأة أساس المجتمع بل هي نصف المجتمع، وكما قيل عن المرأة: "إذا عَلمت ولدًا فقد عَلمت فردًا أما إذا علمت بنتًا فقد علمت أمة". فقد نص دستور دولة الإمارات على أن المرأة تتمتع بكامل الحقوق التي يتمتع بها الرجل، كما اشتمل على بنود تؤكد أن للمرأة الحق الكامل في التعليم والعمل والوظائف مثلها مثل الرجل، أما عن المرأة المصرية فسارت على نهج المرأة الإماراتية، وإذا انتقلنا إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة نجد أيضا أن المرأة شغلت العديد من المناصب القيادية فشغلت منصب وكيل النائب العام وأيضا نجد المرأة تملأ ساحات الحرم وهي ظابط وإذا تجولت في إنحاء المملكة تجد المرأة تشغل جميع الاماكن؛ أما عن الحقوق الأخرى التي مازلت المرأة تسعى للحصول عليها متمثلة في الحقوق المعنوية أكثر منها مادية ولا بحاجة للقانون إلا بتغليف تلك الحقوق بحماية قانونية فقط، فهناك من الحقوق لا ننتظر القانون يأتي بها؛ فالدولة منحت المرأة جميع حقوقها المادية أما الحقوق المعنوية فالمجتمع هو من يمنحها ذلك؛ فالبعض ينظر بعنصرية تجاه المرأة والتحقير من شأنها، وأعتقد أن عوامل التربية منذ الصغر هي من ربت لدى البعض اعتقادات خاطئة عن المرأة، ربت أجيالا ينظرون بعنصرية للمرأة. وحتى تكتمل حماية المرأة وحصولها على كافة حقوقها المعنوية والمادية من الأهمية رفع المستوى الثقافي للمرأة وزيادة وعيها لتكون فاعلة في بناء المجتمع وتطوره، وأيضاً المشاركة الفعالة للمرأة بالأنشطة الثقافية والفنية، بخلاف التشريعات التي تصدر لدعم المرأة وحمايتها وضمان حقوقها المدنية كاملة وحمايتها من العنف والأذى ومن العادات والأعراف التي تحط من كرامة المرأة وشخصيتها، فقد شاهدنا مؤخرا صدور قانون يغلظ عقوبة التحرش وغيرها من القوانين التي تحمي المرأة! ومن الأهمية أيضاً وضع مناهج تربوية للمدارس بجميع مراحلها وللجامعات تدعم احترام المرأة وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واستوصوا بالنساء خيرًا)، والاعتراف بأهمية دورها كمربية وكَمَدرسة لأعداد جيل واعٍ يعمل على بناء وازدهار الوطن. وفي ضوء الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، فإن دولة الإمارات قد اتخذت تدابير وحلولا وقائية تعمل على منع حدوث العنف ضد المرأة. وتم إنشاء أقسام التوجيه الأسري في محاكم الدولة، ومحاكم خاصة بالأسرة، والأحداث، وتوفير الدعم والمساعدة النفسية والقانونية لضحايا سوء المعاملة الذين يمكنهم اللجوء إلى أقسام الخدمات الاجتماعية، لقد تم توسيع وتطوير مراكز الدعم الاجتماعي التي تديرها وزارة الداخلية، لتقديم الدعم النفسي المناسب لتخليص شريحة الضحايا من النساء من الآثار التي لحقت بهم جراء تعرضهم لجرائم أو اعتداءات، وإيجاد حلول موضوعية وعملية للمشكلات الاجتماعية والأسرية واحتوائها في مراحلها الأولى وقبل أن تتفاقم، والعمل على حل المشكلات الفردية والصراعات والخلافات الأسرية بأساليب الوفاق الاجتماعي، وتفعيل دور الأسرة في الوقاية من الجريمة والانحراف وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسر المفككة وتمكينهم من رعاية أبنائهم. كما نهجت دولة الإمارات الشقيق النهج الصحيح، اتبعت مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان والذي ساهم بحق في نجاح دولة الإمارات ألا وهو مبدأ عدم التفرقة ما بين المواطنين من حيث الجنس، فهي لا تفرق بين ذكر وأنثى وإنما تفرق بين من يعطي أكثر ولمن يجتهد أكثر فهذا هو المعيار الحقيقي لمقياس مدى احترام حقوق الإنسان، فالعدل والمساواة ينبني على الكفاءة وليس أي معيار آخر. فالمعيار الحقيقي هو التفوق والخبرة والعطاء، فمن الأهمية أن تحذو دولتنا وتنهج نهج دولة الإمارات من حيث حمايتها للمرأة ومراعاة حقوقها فعليًا؛ وبالفعل قد تقدمت إلى مجلس النواب بعدة اقتراحات تساهم في دعم المرأة نفسياً ليصبح لدينا تماسك أسري وأطفال أسوياء؛ وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة أتوجه بالتحية إلى كل امرأة حول العالم؛ وكل عام وكل امراة حول العالم بخير. * عضو مجلس النواب نقلا عن بوابة الاهرام المصرية