يمر العالم بأزمة اقتصادية هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، بنسب تضخم تاريخية، وتعطل كبير في سلاسل الإمداد، ومخاوف ركود حتمي لأكبر اقتصادات العالم، مقروناً ذلك بأزمة طاقة تجاوزت ارتفاع الأسعار لتصل إلى الخوف من نقصها، وعدم توفرها، مع تغيّر جيوسياسي بالحث على التعددية القطبية في العالم، وصدق مَن قال إن ما قبل جائحة كورونا ليس كما بعدها. فالأزمة الروسية الأوكرانية ألقت بظلالها على الاتحاد الأوروبي، والاستفزاز الأميركي للصين في تايوان يستعر شيئاً فشيئاً، وفقدان الثقة بالشرطي الأميركي الذي وجه عدة طعنات لحلفائه خلال العقد الماضي، زادها الانقسام التاريخي في الداخل الأميركي، جعلت العالم يترقب تغيرات غير مسبوقة، وأدخلت رؤوس الأموال في حيرة، فأين الملاذ الآمن؟ وأين هي الاستثمارات المجدية؟ فرؤوس الأموال جبانة، وليس من السهل أن تثق في ساحةٍ ما. عاش العالم أزمات خلف أزمات، سياسية واقتصادية، وتغيرات في موازين القوى، وتقلبات على المستوى الاجتماعي، فتغيّرت توجهات الحكومات في كل مرة بسبب هذه الظروف، إلا أن المملكة العربية السعودية كانت ثابتة المبدأ وتجاوزت كل ذلك باقتدار، رغم الأحداث المباشرة التي طالتها، والمؤامرات التي حيكت لها، فهي تعيش توافقاً في التوجه، واتفاقاً على الهدف، وترابطاً اجتماعياً، ونهضة اقتصادية، وفق خطط مدروسة لعقود قادمة، لا تحكمها أيديولوجيات متطرفة، ولا أحزاب متعجرفة، ناهيك عن الثروة الطبيعية الكبيرة، والبنية التحتية المتطورة، بقيادة أمينة متمكنة، وشعب متعلم مثقف واعٍ. فمعالم نتائج الرؤية لُمست مبكراً، بتحقيق معظم المستهدفات قبل موعدها، واستمرار إعلان عن تطوير برامجها لزيادة الاستثمار والإنفاق، فلأول مرة سيتجاوز الناتج المحلي السعودي تريليون دولار، نتيجة إصلاحات اقتصادية هي الأسرع في القرن الحالي، ومبادرات واستراتيجيات هي الأكثر مرونة حالياً، فبالأمس القريب، وليس على سبيل الحصر، أعلن سمو سيدي ولي العهد عن الاستراتيجية الوطنية للصناعة، والتي تهدف لمضاعفة الناتج المحلي الصناعي لثلاث مرات، ليتلو ذلك إعلان آخر من سموه عن المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، لتكون المملكة مركزاً عالمياً لانطلاق البضائع، وحلقة وصل عالمية وفق موقعها الجغرافي المميز، ناهيك عن قرارات أخرى، مثل إنشاء الأسواق الحرة، وإعلان سمو وزير الطاقة عن إطلاق برنامج يتيح للمصانع الاستفادة من أسعار الغاز الحالية لمدة ثلاث سنوات دعماً لها، وغيرها الكثير من الفرص والمغريات التي قدمتها الدولة للمستثمرين بمختلف أطيافهم، فتجتمع البيئة الآمنة، والتشريعات المناسبة، والطاقة المتوفرة، والتسهيلات الملموسة، والموقع المميز، لتكون المملكة العربية السعودية، ملاذاً آمناً واستثماراً مجدياً، ومشروعاً ناجحاً، مما جعلنا نرى تدفقاً متزايداً للاستثمار الأجنبي، وبأرقام تتضاعف كل عام. إن المملكة العربية السعودية، هي الملاذ الآمن بعد الله، وهي الوجهة التي يُنتظر أن يسطع نجمها، لتكون هي المستقبل، وأوروبا الجديدة، كما وعد سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، ويتم العمل على ذلك قولاً وفعلاً، كما هي عادة قيادتنا -حفظها الله-. نقلا عن الرياض