تقوقع على كرسيه في قاعة انتظار الأشعه،كان صدره يؤلمه من شدة السعال ،الغرفة يطل شباكها على ممر طويل لا تهدأ حركة المرضى المارين منه ، ارتال من المرضى تعبره في الجهتين ، بعضهم يهرول وبعضهم بالكاد يمشي وبعضهم بعربة وبعضهم على عكاز تجمع بينهم نظرات حائره ووجوه يعلوها الألم والإجهاد ، ذكره هذا المنظر بمنظر السراط ،،استغفر وحوقل وأخرج سبحته العتيقة وراح يمرر أنامله على حباتها بحركة عفوية وشفتاه تتمتمان ببعض الأذكار ، كان كل من بالغرفة ينتظر مثله دوره وكل واحد منهم متسمرة عيناه في شاشة جواله ، كانت القاعة على غير العادة تجمع بين الذكور والإناث ولا تخلو من بعض الأطفال، لم تكن الحال هكذا قبل سنة او سنتين ، فالرجال في قاعة انتظار والنساء في أخرى ، سبحن مغير الأحوال ، عندما ذهب الى صيدلة المستشفى بعد انتهاء الدكتور من اجراءات الفحص ، كانت الصيدلية كبيرة ، وشبابيك صرف الأدوية لا تعد ولا تحصى ، هناك لوحة الكترونية بالأرقام ، جلس على اقرب مقعد خال منتظرا رقمه ، كانت الصيدلية من الكبر بمكان ، أشغل نفسه بالنظر الى جواله تارة وبالنظر الى المرضى تارة أخرى ، لفت انتباهه إحداهن وهي تناقش الصيدلي في نوعية الأدوية المصروفة لها ، كانت تشير الى أصناف من الأدوية في الأرفف الخلفية والصيدلي يحضر بعضها ، تذكر صحيّة الطائف عندما كان يشتري القوارير من الباعة الذين يحرّجون على بضاعتهم أمام بوابة المستشفى وحول سوره ، ثم يأخذها للصيدلي الذي يملؤها بالشراب دون أن يهتم بمدى نظافتها أو صلاحيتها قفز بسرعة عندما ظهر رقمه على تلك الشاشه ، وقف أما الصيدلي الذي اعطاه نصيبه من تلك الأدوية ، تسلل بين تلك الجموع متجها لمنزله والسعال لا زال يهز صدره ...