مساعدات إغاثية على الطائرة 16.. تصل لبنان    ولي عهد البحرين يستقبل عبدالعزيز بن سعود    لا اتفاق أمام الجبلين    خطاط كسوة الكعبة يتوج بالمركز الأول في ملتقى الخط    الهلال والاتحاد وجها لوجه    أمانة القصيم تنفذ فرضية إغلاق نفق ميدان التوحيد بمدينة بريدة    رصد هطول أمطار في (9) مناطق.. ومكة تسجّل أعلى كمية ب (56.2) ملم في الجموم    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها امانه المنطقة    تدشين معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي "إبداع 2025" بتعليم عسير    أمير القصيم يقلد العتيبي رتبته الجديدة    حرس الحدود بالمنطقة الشرقية يقدم المساعدة لمواطنَين خليجيَّين إثر تعطل مركبتهما على طريق عُمان الدولي    لمناقشة صفقة غزة وحرب لبنان.. مسؤولون أمريكيون يزورون مصر وإسرائيل غداً    إيفان توني مهاجم الأهلي يتطلع لتسجيل أهداف أكثر من رونالدو في الدوري السعودي    حرس الحدود يحبط تهريب (160) كجم "قات" في عسير    وزير الخارجية يشدد على ضرورة وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين    النائب العام يشارك في اجتماع النوّاب العموم الخليجيين في الدوحة لتعزيز التعاون القضائي    مجلس الأمن الدولي يحذر من أي محاولات لتفكيك «الأونروا»    الهلال يعلن جاهزية بونو    جابر ل «عكاظ»: 50% من لاعبي النصر غير مؤهلين    "تطوير مطار الملك سلمان" تعقد شراكة استراتيجية مع مبادرة مستقبل الاستثمار    السعودية تدعو لعقد قمة متابعة عربية إسلامية مشتركة لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية والجمهورية اللبنانية    3000 زائر في ختام الملتقى الدولي للمسؤولية الاجتماعية    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف للاحتلال الإسرائيلي على شمال قطاع غزة    الجدعان: مشاركة المرأة في العمل 35% وتجاوزت هدف الرؤية.. انخفاض البطالة إلى 7.1%    وفاة نجم الشاشة المصرية الفنان مصطفي فهمي    عملية قلب مفتوح تنقذ حياة مريضة بعد 80 دقيقة من الإنعاش بقلب القصيم    منظمة GO15 العالمية تبحث تسريع دمج مصادر الطاقة المتجددة    ارتفاع النفط إلى 71.50 دولارًا للبرميل    حدث ثقافي ترويه حديقة السويدي من جاكرتا إلى الرياض    هيئة المسرح والفنون الأدائية تعلن إطلاق الدورة الثانية من مهرجان الرياض للمسرح    الأرصاد: استمرار هطول الأمطار على عدد من مناطق المملكة    للمرة الثانية.. القطري عفيف أفضل لاعب آسيوي    «الشورى» لجامعة القصيم: سرّعوا هيكلة البرامج الأكاديمية لتحسين فرص التوظيف..    5 طرق طبيعية لخفض ضغط الدم المرتفع    اتفاقية مع «الدفاع» الإسبانية لبناء 3 سفن قتالية من طراز «كورفيت أفانتي»    «رادار طقس المدينة» يغطي 300 كيلومتر    «ميتا» تطور محرك بحث يعمل بالذكاء الاصطناعي    تعديل المادة الخامسة من نظام القضاء.. مجلس الوزراء: ترتيبات تنظيمية للجنة الوطنية العليا للصناعة ب"المجلس الاقتصادي"    الكتاب المسموع.. منافس أم مكمِّل؟    كيف ترفع ضغطي في ثلاث دقائق؟    الطفلة السعودية كادي الخثعمي..أيقونة جائزة تحدّي القراءة    المملكة تدين إقرار الكنسيت الإسرائيلي مشاريع تحظر أنشطة "الأونروا"    القيادة تهنئ الرئيس التركي    الوقوف لفترات طويلة يضر بصحة القلب    محاكمة طاقم طبي شاهد احتضار مريضة ولم يتدخل    أمير الرياض يطلع على تقارير التعليم.. ويعزي الفارس    محافظ الخرج يستعرض البرامج الصحية    المملكة تدين إقرار إسرائيل مشروعات قوانين تحظر «الأونروا» في فلسطين    السفير حفظي: المملكة تعزز التسامح والاعتدال عالميًا    "التخصصي" يحصد جائزتين في الابتكار    التحليق السينمائي    الرقم 13 تشاؤم يؤثر على المجتمعات    نائب أمير الشرقية يزور مركز العمليات الأمنية الموحدة (911)    السفير فيصل حفظي: المملكة تواصل ريادتها في دعم المجتمعات الإسلامية وتعزيز قيم التسامح والاعتدال عالميًا    الغلط مرجوع    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    إزالة مبانٍ لصالح جسر الأمير ماجد مع «صاري»    وكيل الأزهر يشيد بجهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط الجائحة في كف الموروث لم يغير عادات مسلمين
نشر في الوكاد يوم 19 - 04 - 2021

رغم أن جائحة كورونا ما زالت ملقية بظلالها ورعبها واحترازات تفاديها، إلا أن ذلك لم يحل دون التهيؤ لرمضان، في عموم
المجتمعات الإسلامية، حيث تتزامن استعدادات استقباله مع أواخر شعبان، ويُخصص يوم للاحتفال بقدوم الشهر المبارك،
يجتمع فيه الأهل والأصدقاء والجيران وتقدم أنواع من الأكلات الشعبية والحلويات، وهو التقليد الذي يُطلق عليه السعوديون،
ّ خاصة في المنطقة الغربية ال«شعبنة»، وهو ما يشبه وداعا معلنا لشهر شعبان بكل ما لذ وطاب من مأكولاته، واستقبال وقت
.مختلف من الروحانية، ببالغ حب ولهفة في صفة تواصل وترابط اجتماعي
وإذا ما استعدنا تعريف أن «الفلكلور هو حفريات حية تأبى أن تموت»، للأمريكي بوتر الذي يوضح «إن الفلكلور هو الرواسب
ّ العلمية والثقافية للتجربة الإنسانية، على مدى العصور، أي أنه هو الموروثات الثقافية»، يمكننا القول إن «الشعبنة» فلكلور
شعبي من الصعب تحديد تجذره التاريخي وهذه طبيعة الفلكلور، إذ تظل تحوطه دائما عدة تفسيرات مختلفة. ويشير البعض إلى
أنها حزمة تراكمات لعادات اجتماعية تطورت وفقا لثقافات الشعوب وتغيراتها السياسية والاجتماعية، بينما يرى آخرون أنها
ّ عادة منقولة من العهد المملوكي إلى مدن الحجاز.. تضاربت الآراء حول منشأ هذا التقليد ولكن نظرا لارتباط «الشعبنة» بشهر
ّ رمضان، وطبيعة المجتمع المكي، يكون أقرب تفسير لنشوء هذه العادة، منطلقا مما اعتاده الناس في المجتمع القديم، حيث كانوا
يخرجون إلى الشعاب والبساتين المجاورة لمكة، تحريا لهلال رمضان، ومع مرور الوقت، يبدو أن هذا الخروج، اكتسب ملامح
. ّ جديدة شكلت عادة (الشعبنة) في المجتمع المكي بالخصوص والحجازي عموما
ّ وخلافا (للشعبنة)، تنوعت مظاهر الاحتفاء برمضان في المجتمعات الإسلامية، إلا أنه ومنذ رمضان العام الماضي، اختلف
الأمر، بشكل واضح جراء الجائحة التي استمرت حتى هذا الوقت. لم يعد رمضان لطبيعته الاحتفالية التي نعرفها، فقد كانت
الأسواق الشعبية تكتظ بالمتسوقين، وتعلق أدوات الزينة في كل سوق، وكل زقاق مزدحم يُ ّوشى بالأنوار وتتدلى من جدرانه
الفوانيس، التي تشير بوجه خاص إلى بدء شهر الرحمة، فهي من أكثر الرموز التي تستخدم للزينة في البيوت وبطاقات
. ُ المعايدات إعلانا بقدوم الضيف المنتظر
أصل كلمة «فانوس» يرجع للغة اليونانية، إذ تُشتق من كلمة إغريقية قديمة «فناس» كانت تُطلق على إحدى الأدوات التي
تُستخدم فى إضاءة الشوارع، وكانت هذه الفوانيس تُصنع من المعدن، تطورت وأصبحت تُصنع من النحاس؛ لسهولة النقش عليه
.وتزيينه
ّ ثم أحداث تاريخية توضح الصلة الوثيقة بين الفوانيس والشهر المبارك وردت في عدة مرويات، فقد قيل إن فوجا ضخما من
المصريين خرجوا من ديارهم لاستقبال المعز لدين الله الفاطمي الذي وصل إلى مصر قادما من الغرب، حاملين المشاعل
والفوانيس الملونة والمزينة، لإضاءة الطريق إليه. وهكذا بقيت الفوانيس تضيء الشوارع حتى آخر رمضان، لتصبح عادةً يُلتزم
.بها كل سنة.. ويتحول الفانوس من جمودته إلى رمز للفرحة وتقليد محبب في رمضان
في رواية أخرى، قيل إنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في رمضان، وكان يسبقهن غلام يحمل
فانوسا لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا. بهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفي الوقت نفسه لا
يراهن الرجال. وبعد أن أصبح للسيدات حرية الخروج في أي وقت، ظل الناس متمسكين بتقليد الفانوس حيث يحمل الأطفال
.الفوانيس ويمشون في الشوارع ويغنون
أما الرواية الثالثة فتقول إن أحد الخلفاء الفاطميين أراد أن يضيء شوارع القاهرة طوال ليالي رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد
.بتعليق فوانيس تضاء عن طريق شموع توضع بداخلها
جميع هذه المرويات تعود في أصلها إلى مصر الفاطمية، وسواء بدأ هذا التقليد اللطيف عفوا أو عمدا فقد انتقل إلى دول العالم
.أجمع حتى أصبح أبرز الرموز الرمضانية اليوم
وتحت وطأة الجو العام لظلال الجائحة، مازال المجتمع ممتلئا بالحياة، يُعلق الفوانيس ولا يأبه، ويتداول التبريكات بحلول الشهر
المبارك، وتجتمع فيه الأسر - بتخفف وفقا لنظام التباعد الاجتماعي حديث العهد - دوريا على الإفطار عند واحد من أفراد
. ُ العائلة مبتدئين بكبيرها، موثقين بذلك أواصر القرابة ومعززين قيمة الأسرة بالنسبة للمجتمع
وناهيك عن هذا التجمع الأسري، يظل المظهر الفلكلوري/ الشعبي لرمضان، ملقيا بظلاله على ثقافة الطعام. إذ تجتمع العوائل
.الكبيرة منذ اليوم الأول على مائدة واحدة، فيها من الأطباق الشعبية والموروثة ما لا يمكن حصره
فنشاهد التميس والفول والشريك والسوبيا والساقدانة على المائدة الحجازية، والعصيدة والعريكة والمغش على المائدة الجنوبية،
ويشدك مذاق الحنيني والهبيشة والتشريبة على الموائد الشمالية، إضافة إلى الشوربة والسمبوسك كأطباق مشتركة بين جميع .المناطق
ُ ليس ذلك وحسب، بل يتشارك الجيران أطباقهم فيما س ُ مي قديما (بالطعمه) وهي عادة رئيسة يحرص عليها الأهالي في رمضان،.وتُعرف بأنها اقتطاع جزء من الطبق وإرساله للجيران قبيل المغرب
بهذه العادات وبغيرها مما لا يمكن حصره تبدو مجتمعاتنا كأنها -لا شعوريا- تعبر عن مزاجها، وتعلي تقاليدها وفلكلورها
.وموروثها الثقافي في وجه الجائحة
أخلص إذن إلى أن كورونا، وإن استطاعت، التأثير في خلخلة الصورة العامة، وإحداث شيء من الإرباك، لكل أنماط الحياة في
كل أصقاع الدنيا، إلا أنها بالتأكيد لن تقدر على كسر إطار الصورة الرمضانية في المجتمعات الإسلامية بكل ما فيها من تلاحم
.اجتماعي، وحمولات فلكلورية، لها أبعادها ودلالاتها العميقة، التي هي بالضرورة أقوى من فيروس عابر
نقلا عن الوطن السعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.