يرى كثير من الفلسطينيين أن حكم المحكمة الجنائية الدولية بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية يمثل فرصة متأخرة لتحقيق العدالة لضحايا الهجمات الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء. لكن بالنسبة لكثير من الإسرائيليين، فإن قرار المحكمة الصادر، أمس (الجمعة)، مقلق لأنهم يقولون إنهم «الأخيار» الذين يدافعون عن أنفسهم في مواجهة العنف الفلسطيني. وقد يؤدي القرار، الذي أصدرته غرفة ما قبل المحاكمة المؤلفة من ثلاثة قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية، إلى تحقيقات جنائية مع إسرائيل والحركات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حركة «حماس»، ومع ذلك ليس من المتوقع إجراء تحقيق في المستقبل القريب. وقالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا إنها ستدرس القرار الآن، وأشارت إلى حرب غزة عام 2014 واحتجاجات عام 2018 على حدود غزة والمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وفي خان يونس بقطاع غزة، قال الفلسطيني توفيق أبو جامع إن 24 من أفراد عائلته الكبيرة قُتلوا في ضربة جوية إسرائيلية خلال الصراع الذي استمر سبعة أسابيع في عام 2014، وإن ما يزيد على 2100 فلسطيني آخر قتلوا، كثير منهم من المدنيين، فضلا عن 67 جنديا إسرائيليا وستة مدنيين إسرائيليين. وقال أبو جامع: «نتمنى أن المحكمة الدولية تحقق العدالة للضحايا وأن يفتحوا تحقيقاً في كل الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبوها خلال حروبهم ضد غزة»، مضيفاً أن الفلسطينيين لا يثقون في المحاكم الإسرائيلية. وخلص تحقيق في غارة خان يونس، أجرته الذراع القضائية للجيش الإسرائيلي، إلى أنها كانت «قانونية واستهدفت أحد المتشددين». على الجانب الإسرائيلي من الحدود، قال الإسرائيلي جادي ياركوني، الذي فقد ساقيه في هجوم بقذائف المورتر الفلسطينية خلال الحرب نفسها، إنه غاضب من قرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال ياركوني رئيس المجلس الإقليمي إشكول على الحدود مع غزة: «نحن الأخيار هنا… لا نطلق النار لقتل الأطفال الأبرياء لكنهم يطلقون النار علينا لقتل المدنيين… أبكي على مقتل كل مدني في غزة والضفة الغربية ولكننا ندافع عن حدودنا». واتفق الجانبان على أمر واحد هو أنه ليس من المتوقع الخروج بنتيجة سريعة بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم نشر اسمه: «ليس الأمر وكأن أوامر اعتقال ستصدر صباح الغد»، مضيفاً أن إسرائيل ستنسق إجراءاتها إزاء قرار المحكمة مع واشنطن، ووصف قرار المحكمة بأنه «سياسي». وقالت ديانا بوتو، المحامية الدولية والمستشارة القانونية السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن الفلسطينيين ما زالوا يواجهون الكثير من العقبات. وتابعت بوتو: «الطريق إلى العدالة الفعلية طويل لأن المحكمة الجنائية الدولية ستواجه بلا شك ضغوطاً سياسية لعدم المضي قدماً». وأضافت أنها «ليست المرة الأولى التي تعلن فيها محكمة دولية أن الأعمال الإسرائيلية غير قانونية، وفي السابق لم يفعل العالم شيئاً رداً على ذلك». جاء قرار المحكمة الجنائية الدولية بعد ثلاثة أسابيع فقط من نهاية الفترة الرئاسية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، التي فرضت خلالها الولاياتالمتحدة عقوبات على اثنين من مسؤولي المحكمة منهم بنسودا. وبعد تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن الشهر الماضي، قالت وزارة الخارجية إن واشنطن «ستراجع بدقة» عقوبات عهد ترمب. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن قرار المحكمة «معاد للسامية»، مضيفاً: «سنكافح هذا الانحراف للعدالة بكل قوتنا». وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن القرار «يوم تاريخي لمبدأ المساءلة وإن إسرائيل عوملت في السابق على أنها فوق القانون». لكن الفلسطينيين ليسوا معفيين من رقابة المحكمة. وجرى اتهام حركة «حماس»، التي تصنفها إسرائيل والغرب على أنها «منظمة إرهابية»، ب«مهاجمة المدنيين عمداً واستخدام المدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية». لكن مسؤولاً من «حماس» في غزة رحب بقرار المحكمة، وقال إنه «لا يخشى التحقيق»، وقال المتحدث حازم قاسم: «مقاومة حماس والشعب الفلسطيني مقاومة مشروعة تتفق مع القانون الدولي الإنساني». وقال الجيش الإسرائيلي إنه «يأسف لقرار المحكمة الجنائية الدولية، وسيواصل الدفاع عن أمن إسرائيل ومواطنيها مع الالتزام التام بمدونة أخلاق جيش الإسرائيلي وقيمه والقانون الوطني والدولي».