سألني " أحمد " ذات مساء : هل راقبت يوماً وردة تتفتّح أوراقها لتحضن دفء الشمس مع بزوغ الفجر فتطلق رحيقها يغمر الأرض عطراً يترادف مع نسائم الصباح يُنشد معزوفة حبّ فِطري ساحر ؟ لم يكن أحمد يبحث عن إجابة لسؤاله ، بل كان يرسم لوحة تجريدية لعالمٍ يعرفه لكنه يريد أن يستُر حقيقته عني ويكتفي بمدلولٍ ينفد من خلاله ليكسِر قيوداً لم تمكّنه من البوح بمشاعره . كان سؤال " أحمد " رواية درامية تحكي قصّة إمرأة أحبها ، قصّة أمل مات في الليلة التي تفتّحت فيه أبوابه ، كان سؤاله يحمل سرّاً سكن فِكره وسلَب مشاعره فأصبح يبحث عن عزاء وجبران . كان " أحمد " يرقب تلك الوردة بدمعة تنساب على خدّيه تكتب معاناة لم يُكتب لأذنٍ أن تسمعها ، وإن حاورته وسألته : أين تلك المرأة التي أحببت ، يقول لك : ذهبت ؛ تسأله متى وأين ذهبت ، يقول لك : ذلك هو مكمن الألم وباعث الندم ، ذلك هو القيد الذي يحكُم قبضته على كياني . ويرسل " أحمد " عينيه تجول في فضاء تكثر حوله الأسئلة وتتراقص خلفها علامات استفهام لا تجد جواباً غير كلمة تسمع فيها زفرات وأنين السّنين ؛ كلمة " ذهبت " ، وليس كل من يذهب يعود ، وبعض البدايات نهايات . .