في الحوار الشيق الذي أجراه الزميل عضوان الأحمري مع الأمير بندر بن سلطان في الإندبندنت بنسختها العربيةً تسلل إلى ذهني سؤال لماذا نحن بخلاء جدا في توثيق رواية التاريخ في مرحلة ما للسعودية ورجالها كدولةً فاعلة ومؤثرة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ففي أمريكا مثلا ً والغرب عموما عندماتنتهي حقبة رئاسية أو وزارية لأحد المؤثرين تتهافت دور النشر على مثل هذه الشخصيات ليكون أول مشروعيفكر فيه في مرحلة ما بعد المسؤولية المباشرة هو كتابة سيرة ذاتية كشاهد عصر يروي فيها الرئيس أو ً المسؤول بغض النظر عن مجاله أو الحقل الذي عمل فيه جانبا من القصة والأحداث التي مر بها وأثر وتأثر فيها ورؤيته الشخصية حيالها فهذا علاوة على أنه شهادة للتاريخ إلا أنه حق للأجيال القادمة من باحثين ومؤرخين ودارسين. ُ في السعودية دفنت كثير من القصص وشهادات العصر بموت كثير من الرجال واحتفاظهم في الصدور بمرحلة من مراحل تاريخ بلادنا بسبب التحفظ الذي ربما أصرت عليه هذه الشخصيات أو عدم حرصها من الأساس على توثيق ً المرحلة بكل تناقضاتها صعودا ً وهبوطا أو عدم تبني جهات ومؤسسات ثقافية وإعلامية لهذا الدور المهم في مجالها. ولولا بعض محاولات التوثيق للسير والمرحلة والتاريخ لربما كان الفراغ أعظم وأكبر مما نعاني منه الآن وهو كبير على أية حال ! وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر رواية خالد بن سلطان في كتابه «مقاتل من الصحراء»والأمير خالد الفيصل في كتابيه «مسافة التنمية وشاهد عيان» و«إن لم فمن» وغازي القصيبي في «حياة في الإدارة» وعلي النعيمي «من البادية إلى عالم النفط» وما كتبه الأستاذ تركي الدخيل عن هشام ناظر «سيرة لم َ ترو» والأستاذ محمد السيف في كتابه عن عبدالله الطريقي «صخور النفط ورمال السياسة» ومحمد بن ناصرالأسمري عن مذكرات اللواء سعيد كردي «الجيش السعودي في حرب فلسطين 1948.« ً وأعد هذا ليس كافيا ً على تجربة بحجم الدولة السعودية ورجالها، إذ إن هناك قصورا ً واضحا من كل الأطراف،ً ولذلك أدعو وزارة الإعلام والثقافة ودور النشر والإنتاج المرئي إلى تبني واستقصاء كل الأشخاص المنزوين بعيدا وربما طواهم النسيان إلى مساعدتهم لتوثيق شهاداتهم مكتوبة في سير ذاتية وفي إنتاج وثائقي محترف قبل ً أن يندثر كم هائل من المعلومات والأدلة التي تروي رحلة السعودية رجالا ومواقف مشرفة عبر التاريخ. ً وأعود لحوار الصحفي اللامع عضوان الأحمري مع الشخصية الأكثر لمعانا في دهاليز السياسة السعودية، وأقول له ليكن إحدى مسارات «الإندبندنت العربية» مع ضيوفها هو البحث والاستقصاء عن أمثال هذه الشخصيات ومواصلة هذا النهج في كل المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية وتبني هذا المشروع في مراحل قادمة من إصدار كتب أو إنتاج وثائقي تروى فيه شهادات رجال المملكة وسيرتهم الأحياء والأموات والمواقف التي ً جعلت وطننا عظيما ً وشامخا برجاله ومواقفه. نقلا عن عكاظ