ماذا كشف «تويتر» حتى اليوم؟ أو كيف اكتشفنا أنفسنا من خلال «تويتر»؟ أو هل يمكن من خلال هذا الموقع الخروج بقراءة مقبولة لتلك العلاقة/ الهاجس بين الوعي وتلك التقنية التواصلية واسعة الانتشار؟ ما العلاقة بين تقنيات التواصل والوعي، هل هي من نوع العلاقات الطردية؛ أي بمعنى أن التقنية الاتصالية كلما تقدمت صعدت بالوعي، وأن زيادة الوعي تسهم فيه تقنية تواصلية متقدمة، كتقنيات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت من الشيوع لدرجة استحالة ألا تجد من لا يحملها في جيبه أينما ذهب، ويتابعها ويشارك فيها أينما حل وكيفما كان؟! هل المزيد من الاستخدام لهذه التقنيات في مجتمعنا ترتب عليها زيادة الوعي وفرص التطور المعرفي والذهني للمتابع والمستخدم؟ ما حجم وأثر المعرفة فيها؟ أم أن معظمها مازال يتأرجح بين التسلية والترفيه وهدر الوقت والطاقة، وربما أيضاً مسائل أخرى؟ لا أعتقد أن تلك العلاقة ستكون قراءتها متاحة وبسهولة، بل ربما تتطلب دراسات اجتماعية معمقة لكشف التباساتها بعد سنوات عديدة على ظهورها وسريان مفعولها ورسوخ أدواتها واستخداماتها في مجتمعنا. وبما أن «تويتر» يشغل المساحة الأهم في ذهن السعوديين كموقع مفضل، والدلالة عدد المشتركين والمشاركين فيه ومتابعيه، يأتي السؤال تحديداً: ما الحصاد وما نوعه وما حجم تأثيراته؟ القراءة الانطباعية من خلال المتابعة أو بعضها، ربما تقدم أسئلة قد لا تجيب على كثير منها، لكنها ربما تفتح شهية الباحثين لاكتشاف تلك التأثيرات من خلال دراسات نوعية تستهدف شرائح مختلفة في مجتمعنا اليوم. ماذا كشف «تويتر» حتى اليوم؟ أو كيف اكتشفنا أنفسنا من خلال «تويتر»؟ أو هل يمكن من خلال هذا الموقع الخروج بقراءة مقبولة لتلك العلاقة/ الهاجس بين الوعي وتلك التقنية التواصلية واسعة الانتشار؟ ربما يكون من الصعب حتى للقراءة العامة الانطباعية من خلال «تويتر» أن نخرج بأحكام أو دلالات قاطعة، ولكن يمكن الخروج بملاحظات ونقاط تتوقف عندها الإجابات لطرح المزيد من الأسئلة. إذا تم استبعاد مشاركات محايدة تستهدف معلومات أو مفاهيم عامة ذات طبيعة مرتبطة بالحياة اليومية، على الرغم من حاجتها لمزيد من التمحيص والتوسع في القراءة حتى لا تقدم معلومات مضللة في مجال طبي أو غذائي أو اجتماعي يتطلب المزيد من البحث والاستقصاء.. وإذا تم استبعاد مجالات التسويق والإعلان والترفيه.. فإن ما يتوجه للقارئ والمتابع في القضايا الأخرى وخاصة ذات الطابع الثقافي الجدلي أو الاقتصادي أو السياسي.. ربما سيجد أن هذا الموقع لن يعينه كثيراً على الاكتشاف الدقيق. اليوم يتم التعامل مع «تويتر» كأداة إعلامية يمكن توظيفها لصالح وخدمة أجندات، كما يتم تسويق وجهات نظر عبر تكثيف الجدل حولها.. وتداخل الأجندات التي تستهدف عقل القارئ والمتابع.. حيث يتم صناعة عالم موازٍ للإعلام التقليدي، والتأثير عبر صياغة رأي عام قلما يقوى على مناقشة أو مساءلة كثير من تلك الافتراضات أو التحليلات أو الأجندات. وتلفت الانتباه ملاحظة جديرة بالتوقف.. تطال مجالات كثر يتم تداولها في «تويتر»، وهي تلك اللغة البذيئة، التي كشفت عن مخزون غير أخلاقي في التعبير عن الذات أو الموقف عند البعض. فهل هذا يكشف هشاشة التكوين المعرفي والأخلاقي الذي يجنح في الخصومة إلى أساليب وممارسات ومفردات لا يمكن أن تمرر بسهولة في مشهد عام، ولكنها تجد تداولها متاحاً في قناة تعبير يقف فيها القائل خلف ظلال ذكر أو أنثى مختفياً تحت وابل من القصف والقصف المضاد؟! ولم تسلم حتى القضايا أو الخلافات الثقافية من هذه اللغة التي يواري الإنسان السوي عينيه عنها خجلاً منها وبراءة من كاتبيها، فهل كشف «تويتر» عن مخزون تربوي وأخلاقي متدهور.. مما يستحيل أن تراه في الشارع أو المقهى أو المكان العام. أما الغريب فهو تلك القامات أو ما يظن أنها قامات ثقافية واجتماعية.. والتي تشارك بفعالية في «تويتر»، حيث صارت إلى حالة يستحق بعضها التعجب والتساؤل حول تقييم سابق ظل يلاحقها.. فإذا بها تخوض مع الخائضين، وكان يسعها التوقف النبيل عن المشاركة في حفلات الصخب التويترية. التقنية بريئة حتماً من الممارسات غير البريئة، إنها ليست سوى أداة، قد تستخدم بنبل وصدق وضمير يقظ.. وقد تسقط في وحل الأكاذيب والترويج للوهم والتضليل. وعليه، فإن المعول عليه ليس الإشاحة عن تلك التقنيات التي تنحسر تلك الممارسات أمام فوائدها وعوائدها.. المعول عليه أن يملك القارئ والمتابع وعياً غير قابل للاختراق، وعياً يمكنه من فرز المليح من القبيح، والأخلاقي من غير الأخلاقي.. والمقارب للعدالة والمفارق لوجهها.. وإذا لم يتمكن، عليه أن يتوقف عن المشاركة في الصخب وإثارة الغبار.. فالتوقف موقف نبيل أيضاً. نقلا عن الرياض