بحكم دراستنا (زوجتي وأنا) ومن ثم عملنا خارج المملكة استطعنا أن نحظى بفرصة لا تتوافر لأي شخصيْن سعودييْن، عدا المبتعثين طبعاً، إذ إنها تقود السيارة ومعها ثلاث رخص، وهي أكثر براعة في القيادة بشهادة أبنائنا. هل يا ترى بوجود المرأة في مقعد السائق تحدث أشياء يراها من يحرّم القيادة أو يرفضها؟ ثم لماذا هذا المتحفظ أو الرافض فقط سعودي الجنسية؟ الدين ليس سبباً، وإلا لحرّمته الدول الإسلامية الأخرى. هل يعتقد الرافض أن قيادة المرأة سيارتها أكثر خطورة ممن تملّك حاسباً آلياً أو جوالاً وتتواصل مع من أرادت وتقرأ ما تريد وتكتب ما تريد وتراسل من تريد؟ الجانب الآخر، ما هي تأثيرات عدم قيادة المرأة السيارة؟ لا تعدّ ولا تحصى، منها أولاً جانب أخلاقي، فسيضطرون لاستقدام السائق، فكيف أثق به وهو مع زوجتي إذا كنت لا أقبل لها أن تقود وحدها؟ وكيف أثق به ليذهب بأطفالي إلى المدارس؟ بعضنا يقول دع العاملة تذهب معه، طبعاً نعمل بهذا الحل أحياناً، ولكن هذا يناقض فكرتنا عن الحرص على الأخلاقيات، فالسائق والعاملة معرّضان للانحراف! خارج السعودية، نتناوب زوجتي وأنا على توصيل أطفالنا إلى المدرسة، حتى تجاوز أبناؤنا سن ال18 وأسهموا معنا بالقيادة، وعندما تصبح ابنتنا في سن يسمح لها بالقيادة ستقود سيارتها، فهذا هو الطبيعي، أما غير الطبيعي فهو أن يكونوا تحت رحمة سائق يتعرض لضغوطات كثيرة وبعيداً عن عائلته ووطنه ولديه كل أنواع الحرمان، طبعاً لم أتحدث عن الجانب المالي وعن توفير السكن الملائم. الفرصة الأخرى هي السينما، الرافضون ركزوا على نقطتين: الاختلاط والفساد، وهنا أوجّه سؤالاً لمن شاهد أفلاماً في صالات السينما، أليس هناك شبه بين مقاعدها ومقاعد الطائرة؟ كلهم يجلسون على مقاعدهم معاً، بل إن السينما تتحكم بمن يجلس معك بحكم أنك تختار، بينما في الطائرة لا تستطيع ذلك، وفي بعض الأحيان نشهد شجاراً ينشب بين عائلة وراكب، لأنهم يريدون منه تغيير مقعده، كونه في وسطهم ويحول دون جلوسهم بجانب بعض، ويحرج المضيف والمضيفة ويتوّسل إليك أحياناً أن تحل الموقف لأنه لا يستطيع تغيير مقعدك من دون موافقتك، وفي الطائرة يشاهدون بعضهم بعضاً، وتحدث عمليات الاستكشاف، وبالمناسبة كانت الطائرات في السابق تضع شاشة سينمائية موحدة يشاهد الركاب أفلاماً من خلالها، نساءً كانوا أم رجالاً! طبعاً الاختلاط موجود في الواقع، في الأسواق والمستشفيات، ومنعه في الملاعب غير مفهوم بتاتاً، مع أن هناك تجربة سبق أن تمت في كأس العالم للشباب، وعلى حد علمي لم تتحقق معجزة المتشددين ولم يحدث شيء البتة، والسينما بالمناسبة قد تدخلها وتخرج منها من دون أن تعرف من حضر معك، فطوال العرض تصبح الصالة غارقة بالظلام، لذا لا خطورة من غزل أو خلافه كما يخشى حراس الفضيلة. يرى بعضنا أن السبب هو كون الأفلام التي تعرض تدعو للفساد، وبعيداً عن كون من يطالب بالسينما يحرص على الأخلاقيات مثله مثل من لا يريدونها، فأن ما يعرض في الصالات يتم التحكم به، فلا يسمحون مثلاً لمن هو دون ال12 بدخول لمشاهدة بعض الأفلام بتاتاً، وبعضها يسمح له ولكن على أن يكون مع شخص بالغ، وينطبق هذا على ال15 حتى يصل ال18 وما فوق فلا موانع عليه. في منازلنا هل نستطيع أن نتحكم بما يشاهده أطفالنا؟ لا أحكم على الجميع، ولكن فرص الأطفال في مشاهدة أفلام إباحية أو غير مقبولة أو تدعو إلى العنف في السينما معدومة، بينما فرصهم لمشاهدتها في منازلهم ترتقي لنسبة ال70 في المئة وأكثر، وبعضهم يشاهدها مع والديه، لكن هذا الأب لا يستطيع أن يدخل ابنه لمشاهدة فيلم محجوب عنه في السينما. الجانب المهم أننا نستطيع أن نضع محاذيرنا، فعلى سبيل المثال في الإمارات هناك رقابة صارمة على الأفلام في السينما ونستطيع أن نصبح مثلهم ببساطة نقلا عن الحياة اللندنية