يحصل لبعض المتقدمين للقضاء ألا يوفقوا بحكم القاضي لمصلحتهم، وكثيرا ما يرجع أولئك المتداعون باللوم على القاضي، وربما يتم اتهامه بأنه لم يكن مُنصِفا وما شابه ذلك، ولكن في الحقيقة أن مما يجب أن يعرفه الناس قبل الذهاب للقضاء هو أنك كثيرا ما تكون أنت من يساعد القاضي أو يمنعه عن الحكم لك، وسأبين هذا باختصار؛ الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة"، والخلاصة من الحديث الشريف أنه يقول إن الحكم يكون حسب ما يقدمه المتداعيان من بينات وشواهد لدعوييهما، وقد يكون أحدهما قد أظهر من البينات ما ليس لدى الآخر على الرغم من أن الآخر هو الأحق في الدعوى، ولكن بسبب نقص بيناته فقد يُحكم عليه! ولذلك عندما يتقدم المدعي أمام القضاء؛ يجب أن يوثّق دعواه بالشواهد والبينات التي تؤكد دعواه وتثبتها، فلا يجب أن يتوقع أحد أن يحكم له القاضي بمجرد الدعوى أو البينات الواهية وغير المرتبة. وقد يكون الإهمال السابق للدعوى بعدم توثيق الأعمال أو التصرفات بالعقود والبينات سببا لفقدان الحق أمام القضاء، فليس القضاء مسؤولا عن إثبات حقك طالما أن صاحب الحق لم يحفظ حقه بالعقود والبينات. كما أنه يجب أن يكون معلوما أن القاضي حتى لو كان متيقنا داخل قلبه بأن الحق لفلان من المتخاصمين دون أن يكون هناك بينات وشواهد دالة عليه فلا يجوز له الحكم بهذا الرأي طالما لا يوجد ما يدعمه بالشرع والنظام. ومما يجب أن يتنبه له المدعون أمام القضاء هو ضرورة الاهتمام بلائحة الدعوى وكتابتها بشكل قانوني مرتب وواضح، مع تكييف شرعي وقانوني كاف، يساعد القاضي في الوصول للحكم الصحيح، مع إرفاق المستندات التي اعتمدت عليها اللائحة بشكل مرتب أيضا ليكون مساعدا للقاضي أيضا بسرعة الاستيعاب والفهم لما تريد أن توصله إليه. الخلاصة؛ أنه ليس بالضرورة عندما يحكم لك القاضي أن يحكم بما تريد أنت وتعتقد أنه حق لك، فقد يكون الحق مبنيا على قاعدة شرعية أو نظامية لا تعلمها، وقد يكون الحكم عليك أيضا بسبب عدم امتلاكك البينات والشواهد التي تؤكد دعواك. نقلا عن الاقتصادية