الحلال كما هو معلوم هو وصف للأطعمة المباحة في الشريعة الإسلامية، وقد عقد الفقهاء لهذه المسائل فصولا في كتب الفقه الإسلامي، باعتبار أن للإسلام وجهة نظر في معايير الأطعمة المباحة بغرض أن يجنب المسلم الأطعمة المحرمة التي تضره في دينه ودنياه، ولذلك جاء الوصف العام لأحكام الطعام والشراب أن الأصل فيها الإباحة، وأن التحريم استثناء من القاعدة العامة للطعام، فمع التطور الكبير في تصنيع الغذاء والتقارب بين المجتمعات الذي مكّن الإنسان من تصدير ما فاض لديه من إنتاج إلى مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى أن الإنسان طوّر من تقنيات إنتاج الغذاء بغرض تحسينها وزيادة إنتاجها، مع العلم بأن المعايير الإسلامية لا تقف عائقا أمام السماح للمسلم بالاستمتاع بما هو متاح من الأطعمة والأشربة في العالم. لا شك أننا عندما نتحدث عن سوق الحلال فليس المقصود بذلك منع الإنسان المسلم من التمتع بالأطعمة المباحة التي تنتجها آلة التصنيع في العالم اليوم، ولكن هو إيجاد بدائل لما تم القطع بحرمته شرعا بسبب راجع إلى الطعام ذاته، مثل الخمر ولحم الخنزير، أو بسبب خلل في الطريقة التي تم بها إعداد الطعام مثل الذبح من خلال الصعق الكهربائي أو أي طريقة مختلفة عن طريقة الذبح التي بيّنها الفقهاء، إضافة إلى الأطعمة التي طرأ عليها أمر أدخلها في دائرة التحريم، مثل إضافة الكحول إلى بعض المنتجات أو بعض مشتقات لحم الخنزير، أو ما حرّم تناوله شرعا. في تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية" والأسواق العربية عن "واس": "توقعت دراسة حديثة نمو سوق الحلال العالمي تسع مرات ليبلغ عشرة تريليونات دولار في عام 2030، مؤكدة أن صناعة الحلال تشهد نموا قويا بمقدار 500 مليار دولار في العام. وأشارت الدراسة، التي نشرتها وكالة الأنباء الإسلامية الدولية "إينا" إلى أن حجم السوق الاستهلاكي للمنتجات والخدمات العالمية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تشمل قطاعات الغذاء والمصارف وتصنيع الأدوية ومواد التجميل واللوجستيك والسياحة سترتفع من تريليوني دولار حاليا، لتبلغ ستة تريليونات دولار أمريكي في عام 2020م وتصل إلى عشرة تريليونات دولار في عام 2030". المنتجات الحلال لا يمكن أن نصورها على أساس أنها المنتجات الوحيدة المتاحة للمسلم وأنها تقدم فقط إلى المجتمع الإسلامي، بل هو نشاط تجاري وصناعي يهدف إلى إيجاد بدائل للمنتجات المحرمة، أو توفير أداة للانضباط بالمعايير الإسلامية في الإنتاج، إضافة إلى العناية بالمنتجات التي تهم المجتمع الإسلامي بصورة أو أخرى، ومثال ذلك نجد أن المجتمع المسلم يهتم بإنتاج التمور بسبب تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم تناول التمر عند فطر الإنسان من صيامه، بل يمكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك بإنتاج وحفظ الرطب ليتمكن المسلم من تناول أفضل خيار وجه به المصطفى صلى الله عليه وسلم كما أن العسل مثلا ذكره النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحد أسباب الشفاء، وهذا يجعل من الاهتمام بإنتاج العسل أمرا في مصلحة الإنسان. هذا النشاط الكبير والمتنامي للمنتجات الحلال، والأرقام الكبيرة التي يتوقع أن تصل إليها لا شك أنهما مغريان للاستثمار في هذا القطاع الذي تدعم نموه أمور منها، زيادة عدد المسلمين في العالم، وتطور اقتصادات الدول الإسلامية، وتزايد الطلب والإقبال على منتجات الحلال من الأسواق الجديدة في أوروبا واليابان والهند والصين. هذا التقرير يشجع المستثمرين في المملكة، خصوصا مع الاهتمام الحكومي بالقطاع الخاص، والسعي إلى زيادة حصته من الناتج المحلي، ودعم تنوع القاعدة الاقتصادية في اقتصاد المملكة يجعل الاهتمام بسوق الحلال يشجع على إتاحة الفرص للمستثمرين في المملكة لتوسيع نشاطهم الاقتصادي والانفتاح على الأسواق الأخرى، خصوصا الأكثر رشدا واستقرارا مثل الأسواق الأوروبية وأمريكا الشمالية واليابان والأسواق الناشئة أيضا التي شهدت نموا كبيرا خلال الفترة الماضية، مثل الصين والهند إضافة إلى الأسواق الرئيسة لهذه المنتجات في المنطقة الإسلامية، خصوصا عندما نعلم أن عدد المسلمين اليوم يتجاوز المليار ونصف المليار ويتوزعون على جميع مناطق العالم. فالخلاصة، أن التقارير تشير إلى النمو الكبير في سوق الحلال على مستوى العالم، وهذا يشجع على أهمية العناية بهذا السوق باعتبار أنه يوفر فرصا كبيرة للمستثمرين في المملكة للدخول إلى أسواق كبيرة حول العالم والحصول على حصة جيدة من هذا النمو المتوقع، إضافة إلى تشجيع تنوع القاعدة الاقتصادية في المملكة، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي. نقلا عن الاقتصادية