هل هناك إيرادات أو مبيعات نفطية لا تدخل في الميزانية؟ الجواب نعم. وتمهيدا، هناك مفاهيم ينبغي ألا يخلط بينها. هناك الإيراد أو الدخل النفطي الناجم من مبيعات النفط، وهناك الإيرادات العامة من النفط، وتمثل إيرادات الدولة من مبيعات النفط، وهناك إيرادات الميزانية العامة من النفط المحققة والمتوقعة، وتقابلهما مصروفات الميزانية المحققة والمتوقعة. لا يذهب الدخل النفطي كله إلى الدولة. تحكم نصيب الدولة من إيرادات النفط قوانين تحدد مستحقات الحكومة وتدقيقا ما يدخل المالية العامة من إيرادات شركات النفط. وأهم هذه القوانين ''نظام ضريبة الدخل''، الصادر بالمرسوم الملكي في 15/1/1425، وهذا النظام متاح على الانترنت بالدخول على مواقع كموقع ''مصلحة الزكاة والدخل''، وموقع ''المركز الوطني للوثائق والمحفوظات'' التابع لمجلس الوزراء. وقد نص هذا النظام في مادته السابعة على فرض ضريبة على الوعاء الضريبي للمكلف الذي يعمل في نشاط إنتاج الزيت والمواد الهيدروكربونية تساوي 85 في المائة. وللمعلومية هناك ثلاث شركات نفط، ولكن أرامكو السعودية هي الأكبر بفارق شاسع جدا. نصيب الدولة أي إيرادات المالية العامة من النفط أوسع من إيرادات الميزانية من النفط. ذلك لأن هناك عمليات ومشروعات كمشروع اليمامة وتوسعة المسجد الحرام في عهد الملك فهد، والتي دفع لها عبر المقايضة بنفط خام، وهذا خارج نطاق إيرادات ونفقات الميزانية off-budget. عمل بهذه الطريقة عندما كان تحقيق فائض في الميزانية ضربا من الخيال. تحقيق فائض في الميزانية أصبح عادة سنوية منذ بضع سنوات. إلا أنه يبدو أن الفائض في طريقه إلى الانتهاء، فقد بلغ فائض العام المالي الماضي 2012 قرابة 400 مليار ريال، بينما بلغ فائض العام الحالي 2013 قرابة 110 مليارات ريال. وهذا نذير لا أرانا نوليه ما يستحقه من تفكير. جلبت تلك الفوائض طريقة جديدة في الصرف: تخصيص فوائض لتمويل مشروعات وأعمال وزيادة رأس مال صناديق تنموية، لا يدخل الصرف عليها ضمن مصروفات الميزانية. تخصيص 250 مليارا من الفوائض للإسكان وتخصيص نحو 200 مليارمن الفوائض للنقل، مثالان على هذه الطريقة في الصرف. من جهة أخرى ذات صلة، لا يصلح احتساب إيرادات النفط عبر ضرب الإنتاج بالسعر العالمي للنفط. هناك جزء كبير للاستهلاك المحلي. وهذا الجزء لا يباع بالأسعار العالمية. تستعمل أو تحرق كمية من النفط الخام لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه، وتقدر هذه الكمية بنحو مليون برميل يوميا، وهي لا تدخل في حسابات الاستهلاك المحلي من النفط المكرر، كما لا تدخل في حسابات التصدير. ويزيد الاستهلاك المحلي من النفط حاليا على ثلاثة ملايين برميل يوميا. ومن الغاز الطبيعي المسال نحو نصف مليون برميل يوميا. ماذا عن مصروفات استخراج النفط ونقله وتكريره وتسويقه؟ تقدر تكلفة إنتاج البرميل (التشغيلية والرأسمالية) في دول الخليج بنحو 10 دولارات، للنفط الخام، وقريب منها للغاز الطبيعي المسال. لكن هذه الأرقام مضللة إذا أخذت وحدها وفهمت كما لو أنها تعني تكلفة النفط المباع. النفط سلعة ناضبة، ويجب أن يدخل في الحسبان هذه النقطة. أي أنه يجب أن يراعى تكلفة الاستعمال وتكلفة العثور على بدائل. وهذه المراعاة سترفع التكلفة كثيرا. ومرة أخرى، لا أرانا نولي هذه النقطة ما تستحقه من تفكير. ومن المهم الإشارة إلى نقاط أخرى متعلقة: بعض النفط السعودي من النوع الثقيل، وتتركز الطاقة الفائضة في هذا النوع. وبصفة عامة يقل متوسط أسعار برميل النفط للخام السعودي عن أسعار النفط التي يكثر إعلانها في وسائل الإعلام كخام برنت، ببضعة دولارات للبرميل. وتفسير الفروقات في أسعار النفط في الأسواق العالمية ليس موضوعا بسيطا، بل يخضع لدراسة وتحليل محللين ومراكز بحوث في الطاقة. لدى شركة أرامكو السعودية استثمارات خارجية، وعوائد هذه الاستثمارات ليست جزءا من قيمة صادرات النفط التي يبينها ميزان المدفوعات. يبدو أن مجلس إدارة أرامكو هو الذي يتخذ القرار في كيفية التصرف بالأرباح الصافية التي تحققها أرامكو (طبعا بعد اقتطاع الريع والضرائب). وأخيرا: البيانات عن السنة المالية المنصرمة أي التي توشك على الانتهاء والتي يذكرها بيان وزارة المالية عند صدور كل ميزانية هي بيانات أولية خاضعة للتدقيق والمراجعة خلال الأسابيع القادمة نقلا عن الاقتصادية