الدب الروسي مرة أخرى يبيع حلفاءه لخصومة بسعر مخفض !، فعل ذلك بكل برود سيبيري في العراق، ويوغسلافيا، وليبيا وفي العديد من الأماكن في هذا العالم ..وها هو يفعلها مرة أخرى في سورية. في كل مرة تبدو روسيا وكأنها ستقف مع حليفها إلى الأبد، تتشدد في موقفها كي ترفع سعر الحليف. يبدأ المحللون بالحديث عن عودة الحرب الباردة، ويتخيل الناس أن خرتشوف سيعود مرة أخرى كي يضرب بحذائه على منصة الأممالمتحدة، وما أن تدخل البوارج الأمريكية منطقة النزاع حتى تطلب روسيا من رعاياها مغادرة المكان، ويهرب الدب الروسي من صوت الانفجارات إلى أي كهف جليدي ليعد حصيلته من الدولارات ويتمتم : (كان حليفا جيدا ) ! .لعبة النسر والدب أضحت مع مرور الزمان واضحة القواعد والقوانين، يتبنى الدب حليفه الديكتاتور في سن مبكرة تساعده على أن يكون ديكتاتورا مثاليا قادرا على سحق شعبه، و شتم الغرب والاستهزاء ليل نهار بتحليق النسر الأمريكي من حوله، يبيع الدب الدبابات، وأسلحة الدمار الشامل للديكتاتور الذي يعطيه الثمن من قوت الشعب المقهور، طبعا بعد عام أو عشرة أعوام .. يفشل الشعب في العثور على قوت يومه ويتذمر ثم يغضب، فيزود الدب الديكتاتور بأجهزة للقمع والتلصص مقابل ديون بعيدة المدى، يحتج النسر على القمع ويعلن مساندته الكلامية للشعب، فيزود الدب الديكتاتور بصواريخ باليستية كي يردع الأمريكان وحلفاءهم، ويرسل معها خبراء عسكريين بعد أن يلحس كل ما في خزينة الديكتاتور من ثروات البلاد .بعد 30 عاما أو 50 عاما يحدث الجزء الأهم من اللعبة، تنفجر الأوضاع التي لن يكون لها من مسار طبيعي غير الانفجار في يوم من الأيام ! وبالطبع فإن الديكتاتور الذي لم يستخدم هذه الأسلحة التقليدية وغير التقليدية ضد أعدائه الافتراضيين، لا يجد حلا أفضل من أن يستخدمها ضد أبناء شعبه، يخطب فيهم بلهجة متغطرسة : ( هذا قوت يومكم ينهال على رؤوسكم، فأنتم لستم إلا أتباعا للنسر، والنصر لنا، والموت للأعداء والخونة ) ! .بعد أن تنهك الصراعات الداخلية الديكتاتور وجيشه وأجهزته الأمنية، وتصبح البلاد بلا اقتصاد وبلا وحدة فعلية وبلا علاقة طبيعية مع دول الجوار، وبلا قدرة على المقاومة يبدأ الفيلم الهوليودي المفضل للأمريكان : ( النسر ينقذ الشعب المقهور ) ! فجأة تظهر صور حاملات الطائرات الأمريكية في شاشات التلفزة ، فيلوح الدب بحق الفيتو في الأممالمتحدة، يشعر الديكتاتور أن ثمة من يقف وراءه فيزداد تعنتا ويلقي خطابا يؤكد فيه أنه سيعيد الجنود الأمريكيين إلى بلادهم في توابيت، تتحرك طائرات الدبلوماسيين في العواصم، تحصل روسيا على ثمن الخروج من النص، وتحصل أمريكا على فاتورتي العملية العسكرية، وعملية تدمير أسلحة الدمار الشامل، بالإضافة إلى أسهم ثابتة في مستقبل البلاد .ومثلما يحدث في كل مرة، تبدأ حفلة التوماهوك، فيموت من يقدر الله له أن يموت، ويحيا من يقدر له أن يحيا، والحي أبقى من الميت، ثم يدخل جنود المارينز دخول الفاتحين على البلاد المدمرة المفجوعة المسلوبة المسحوقة في انتصار تلفزيوني لطيف يعالجون خلاله بعض الجرحى ويلعبون كرة القدم بكل تواضع وحب مع الأطفال الذين فقدوا آباءهم، ويكتب أحدهم على جدار قصر الديكتاتور الذي دمرته صواريخ الأمريكان : ( تحيا الديمقراطية ) ! . نقلا عن عكاظ