الشباب مصطلح يوحي بالطاقة والرغبة الجامحة في التعلم والتطور ومحاولة كل جديد وتحدي كل عنيد، وهي طاقة إذا لم توجه التوجيه السليم المنتج المبدع فإنها تصبح طاقة مدمرة عندما يتولاها الفكر الإرهابي المدمر، والشباب طاقة قابلة لكل أنواع التأثير الإيجابي أو السلبي، لهذا فإن القليل من دول العالم التي التفتت للشباب وعملت على استثمار وتوجيه طاقاته وإمكاناته وإبداعاته نحو ما يخدم الإنسانية ويؤسس لمجتمعات راقية تقاد نحو التطوير والتغيير، ومن هنا أطلق على هذا القرن، قرن تنمية واستثمار الطاقات البشرية. إن تسمية القرن الواحد والعشرين هي قرن استثمار وتطوير وتوجيه الموارد البشرية أو الطاقات البشرية نحو الإبداع ومنح المزيد من المساحات الشاسعة للتطوير والتدريب والتأهيل لكل قدرة بشرية في كل المجالات. وجاء نجاح هذا التوجه في عدد من دول العالم التي استطاعت خلال فترة زمنية الانتقال من العالم المتخلف إلى العالم المتقدم من خلال الاستثمار في الموارد البشرية وتوجيهها كطاقات لتقديم خدمات متقدمة لدولتها وللعديد من دول العالم، كما هو الحال اليوم مع دول مثل الهند والبرازيل وغانا وغيرها من الدول التي جعلت من الموارد البشرية طاقة منتجة ومتجددة ومتطورة ومنافسة في مجال التنمية الشاملة. إن الالتفات المبكر في المملكة جاء إلى إيجاد برنامج وطني شامل متكامل لرعاية الشباب وتوجيه كل الإمكانات والطاقات الشابة نحو البناء والتطوير في مختلف مجالات الحياة العلمية والثقافية والأدبية والفنية والرياضية وإعطاء المساحة الواسعة للشباب لإبراز مواهبهم وتوظيف تلك المواهب وتحويلها إلى مشروعات إنتاجية من خلال الاكتشاف والتأهيل والتدريب وإنشاء الحاضنات التي تقوم على رعايتها وتطويرها وفتح المجال لها للدخول إلى أسواق العمل والإنتاج. هناك الكثير من الجهود التي تقوم بها العديد من الجهات الحكومية وبعض القطاعات الخاصة والمجتمع المدني والجامعات، إلا أنها جهود فردية لا تحقق التكامل بين الشباب والإبداع والاستمرار، وأغلبية تلك الجهود تنتهي بشهادة تقدير أو درع ثم يترك المبدع من الشباب سواء كانوا أولادا أو بنات يصارعون أمواج الحياة العاتية، وأغلبية تلك القدرات الشابة ينتهي بها المطاف إلى الاختباء أو التعرض للاختطاف كما يحدث مع بعض كفاءاتنا الشابة التي تحرص بعض الدول على جذبها ومنحها كل التسهيلات بما فيها الجنسية، وهذا أمر لم يعد خافيا علينا جميعاً، كنت في انتظار لقاء مع شباب قناة أجيال وإذا بمجموعة من الشباب الموهوبين في واحدة من الرياضات يدخلون علينا انتظارا لدورهم في تقديم موهبتهم ضمن البرنامج، وفي سياق الحديث معهم أبلغني أحدهم أن أحد المسؤولين من دولة خليجية عرض عليهم أن تتبناهم تلك الدولة للمشاركة ضمن فريقها الأولمبي وقدم لهم كل التسهيلات التي يحتاجون إليها، وفي المقابل كان الشباب يشتكون من عدم وجود أحد في السعودية يهتم بموهبتهم، وهذا نموذج لما يجب الالتفات إليه ضمن برنامج وطني لرعاية الشباب والاهتمام بالمواهب. إن مرحلة التنمية الحالية والرؤية المستقبلية للتنمية بكل أبعادها والدور الفاعل للشباب وتطور وسائل الاتصال والتواصل توجب علينا النظرة السريعة والثاقبة والحريصة للخروج بمجموعة من التوجهات المؤسسية التي تعمل على احتضان كل الطاقات والقدرات الشبابية من الجنسين وتوجيهها واستثمارها التوجيه والاستثمار الأمثل الذي يعزز من روح العطاء والتطوير لتلك الكفاءات وفي مجالاتها المختلفة سواء العلمية أو الرياضية أو التقنية وغيرها من الإبداعات والقدرات الشابة وتسخير كل الإمكانات لتحقيق ذلك ومن أهمها وضع الرؤية والأهداف والبرنامج التنفيذي وتحديد الجهات المعنية بكل برنامج ومتابعتها للتأكد من تحقيق الأهداف ومحاسبتها على التقصير، إن حدث، وعدم ترك كل جهة تقود سفينتها في كل اتجاه، إنما يجب أن يكون العمل وفق رؤية تنموية وطنية تتفق ومتطلبات المرحلة التنموية القادمة للمملكة العربية السعودية، وربما هذه المرحلة تتطلب الفصل بين رعاية الشباب كمنهج والرئاسة العامة لرعاية الشباب كمؤسسة بحيث يتم إنشاء مؤسسة تهتم ببناء وتطوير ومتابعة الألعاب الرياضية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، خصوصاً مع التسارع الكبير في تطور وتطوير كرة القدم بشكل خاص والألعاب الرياضية بشكل عام ودخول نظام الاحتراف والرعاية والاهتمام والإدارة لعالم كرة القدم والتي لم تعد هواية أو تضييعا لوقت الفراغ أو مهاوش بين رؤساء الأندية، ولهذا الاقتراح عودة مرة أخرى، وفق الله الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح. نقلا عن الاقتصادية