هيئة السياحة تطلق النسخة التجريبية من "سارة" المرشدة الذكية للسياحة السعودية    الإمارات.. رجل يقاضي زوجته بسبب «شيك»    المجمعة وحرمة تختتمان صالون أدب    "الأمم المتحدة" تؤكد ضرورة زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة    مدرب الأخضر يستبعد "سالم الدوسري"و"المالكي" قبل لقاء أستراليا وإندونيسيا    رابطة محترفات التنس: الأمريكية "جوف" تقصي المصنفة الأولى عالميًا    «ملتقى البناء السعودي» يكشف عن تقنيات الذكاء الاصطناعي في رفع الكفاءة وتقليل الهدر    إغلاق مؤشرات البورصة الأمريكية على ارتفاع    بيع شاهين ب 210 آلاف ريال في الليلة ال 18 لمزاد نادي الصقور السعودي    في دوري يلو .. الصفا يتغلب على أحد بثلاثية    "موسم الرياض" وهيئة السياحة يحتفلون في اطلاق"Pokémon GO"    أمين منطقة القصيم يفتتح معرض "أشلي هوم" في مدينة بريدة    أمانة القصيم تواصل أعمال تأهيل ثلاث حدائق بمدينة بريدة    عروض المناطيد المضيئة تتلألأ في سماء "شتاء جازان 25"    برعاية نائب أمير منطقة مكة المكرمة.. انطلاق مؤتمر طب العيون 2024    فان نيستلروي فخور بمسيرته كمدرب مؤقت مع يونايتد ويتمنى الاستمرار    النصر يتغلّب على الرياض بهدف في دوري روشن للمحترفين    المملكة تختتم مشاركتها في المنتدى الحضري العالمي wuf12 بالقاهرة    القبض على شخص بمنطقة الجوف لترويجه مادة الحشيش المخدر    مدرب الأخضر يضم محمد القحطاني ويستبعد سالم الدوسري وعبدالإله المالكي    المملكة تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي    حائل: القبض على شخص لترويجه أقراصاً خاضعة لتنظيم التداول الطبي    ممثل رئيس إندونيسيا يصل الرياض    بالاتفاق.. الهلال يستعيد الصدارة    انطلاق أعمال ملتقى الترجمة الدولي 2024 في الرياض    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب جنوبي تشيلي    جمعية الدعوة في العالية تنفذ برنامج العمرة    ترقية بدر آل سالم إلى المرتبة الثامنة بأمانة جازان    «سدايا» تفتح باب التسجيل في معسكر هندسة البيانات    الأسهم الاسيوية تتراجع مع تحول التركيز إلى التحفيز الصيني    انطلاق «ملتقى القلب» في الرياض.. والصحة: جودة خدمات المرضى عالية    تقرير أممي يفضح إسرائيل: ما يحدث في غزة حرب إبادة    فرع هيئة الهلال الأحمر بعسير في زيارة ل"بر أبها"    خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    لصوص الثواني !    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النسوية السعودية تاريخ وتحولات
نشر في الوكاد يوم 06 - 03 - 2013

تقدم بعض الأقلام المخلصة أو الأدق في القول, بعض المفاتيح لكتاب سعوديين ولكاتبات سعوديات خاصة, اجتهادا يستحق الحوار في الحديث عن “نسوية سعودية" أو خطاب نسوي سعودي. ومع جرأة الطرح في خلق حالة تطبيع لحالة النفور من مصطلح أو تعبير “النسوية" التي كانت قائمة بالمجتمع السعودي ولا زالت..
..فإنني أجادل هنا بأن المصطلح في الكثير من مضامينه الاستحقاقية وليس لفظيا لم يكن غائبا عن ساحة كتابات الرأي بالمجتمع السعودي، بل يمكن تتبعه في أكثر من مرحلة من مراحل التحولات بالمجتمع السعودي فيما يخص الشأن النسوي أو الوطني أو كليهما. ويظهر ذلك إما بصيغة مواقف تمهدية أو بأسلوب مطلبي أو بصياغات تحليلية.
وفي رأيي الرصدي والتحليلي أن تواجد عدد من كتابات الرأي على جبهة “الطرح النسوي", ليس جديدا بل يعود تاريخه المكتوب إلى ما قبل ظهور تعليم البنات بالمجتمع السعودي وقد عثرتُ بمراجعة عدد من الصحف المحلية في دراستي البحثية لعهد تعليم البنات الأول على مشاركات هامة في التمهيد له, غير أن ذلك الطرح لم يكن في بداياته بطبيعة الحال أو بطبيعة المرحلة يعبر عن أطروحة نسوية متبلورة بالقدر الذي كان تعبيرا عن أشواق وطنية لعدد محدود من النساء ولعدد أكبر قليلا من الرجال الذين كانوا يطرحون تصورات نسوية مبدئية تتركز على المطالبة بحقوق محددة من حقوق النساء, مثل حق التعليم وحق العمل ومحاولة المطالبة برد بعض الاعتبار الاجتماعي لموقع المرأة بالمجتمع السعودي. مع ملاحظة غير هامشية وهي حرص معظم أصحاب ذلك الموقف على الاستقواء في جدل المعارضين لهذه الأطروحة واستمالة الرأي العام لصالح استحقاق النساء, وربما أيضا لقناعات عقلية على رد منطلقاتهم إلى المرجعية الإسلامية باقتباسات من القرآن والسنة, مع حرص مصاحب على النأي بأطروحتهم عن أي منطلقات توحي أو يشتم منها الاصطباغ بالمرجعية “النسوية" ناهيك عن تسميتها باسمها, لا بمعناها السياسي, الحركي ولا بمعناها الفكري أو التنظيري الأكاديمي.
غير أننا يمكن أن نلحظ في مراحل لاحقة, وإن لم يكن بخط تصاعدي دائما, تقدم أطروحة الاستحقاق في الشأن النسوي بالمجتمع السعودي بأقلام عدد محدود من الكتاب المستنيرين وبعدد أكبر متزايداً يوميا من كاتبات الرأي. ومع الاستمرار في حرص الغالبية العظمى منهم جميعا على السير بين الخطين المتوازيين الموضحين أعلاه بما حافظ على التحفظ في استخدام كلمة نسوية كمصطلح وكتعبير وكوعاء مفاهيمي ومعرفي, فإن النظر لقائمة المواضيع والاستحقاقات النسوية والمطالب الوطنية التي كانت ولا زالت تطرح من قبل أولئك الكاتبات والكتاب تشي بأن ذلك التحفظ كان يواجه تحديا وإن لم يكن تحديا لفظيا في استخدام كلمة نسوية, فقد كان تحديا في طرح العديد من مضامينها بالمعنيين السياسي والمعنى التنظيري والمطلبي وإن لم يترجم ذلك على أي تطبيقات تنظيمة كقيام مؤسسات مدنية للعمل النسوي بالمعنى الحركي. وكمثال على ذلك الطرح العديد من المعالجات النقدية التي تحقق بعضها ومازال بعضها متأرجحا أو مؤجلا وإن زالت هيبة اعتبار المطالبة به من التبوهات.
ومن عينة تلك المعالجات: المطالبة باستصدار بطاقة الهوية للمرأة السعودية كرمز لشخصيتها الوطنية المستقلة وكتعريف واعتراف بأهليتها القانونية في تعاملات الفضاء العام, موقف المرأة السعودية أمام المحاكم الشرعية بما فيها المطالبة بمحاكم للقضايا الأسرية وخلق بيئة طبيعية وصديقة ومؤازرة ذلك قانونيا وقضائيا لحضور المرأة في الفضاء العدلي, وكذلك المطالبة بمدونة للأحوال الشخصية مقننة لا تحتكم إلى الأحادية الفقهية ولا إلى تقدير القضاة, بما يضمن على سبيل المثال حقوق المطلقة، حقوق الحضانة والنفقة واختيار الزوج ويحدد عمر الزواج وما إليه من قضايا الأحوال الشخصية للمرأة والأسرة، المطالبة بمشاركة المرأة في مواقع صنع القرار ومنها التمثيل في مجلس الشورى, الغرف التجارية مجالس البلديات وسواها من مؤسسات الدولة المجتمع. هذا بالإضافة إلى مطالب جوهرية أخرى مثل رفع الوصاية عن المرأة بمعناها السياسي والاجتماعي والتعامل معها باعتبارها مواطنة تتمتع بالرشد والأهلية، المطالبة بمساواتها في الأجور والامتيازات في وظائف الدولة والقطاع الخاص وفتح جميع مجالات العمل الشريف في وجهها مع توفير مجالات وفرص التعلم مما تحقق مثاله في برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث وفي استحداث وزارة التعليم العالي في الأعوام الأخيرة للكثير من التخصصات التي لم تكن متاحة لطلاب الجامعات الإناث من قبل.
نقد الوعي الذاتي للنساء سواء في المسائل التي تخص النساء أو المسائل الوطنية مع تأصيل موقف عدم النظر للشأن النسوي من منظور صراعي في العلاقة مع الرجل وعدم النظر إليه لا بعقلية المعازل عن المجرى الوطني العام ولا بروح المسكنة أو شخصية الضحية.
أما اليوم فقد جاءت استجابة خادم الحرمين الشريفين بدخول المرأة مجلس الشورى والمجالس البلدية وبعد تفعيل القرار الأول، فإن المتابع لا بد أن يلحظ تنامي لغة مباشرة في مقالات الرأي المعنية بالشأن النسوي. وقد عمدت في ذلك إلى الاجتهاد في تقديم بعض اشتقاقات مصطلحية من جهاز التنظير النسوي الغربي وكذلك التنظير النسوي بتجلياته العربية والإسلامية لتسمية الأشياء بأسمائها فيما يخص بعض المسائل الشائكة في التعامل مع أوضاع النساء بالمجتمع السعودي. ولأهمية هذه النقلة وللأمل بأن تتعمق لتشكل نقلة نوعية في مقاربة الشأن النسوي من منظور نقدي إصلاحي وطني، فإن من المهم أن لا تعتبر هذه الطروحات نفسها بأن عليها أن تعيد اختراع العجلة بل تعمل في مضمار قانون التراكم بحيث يكون ما تجيء به إضافة على ما تقدم من جهود نسوية في الشأن النسوي نحو تحولات نوعية. كما أن من المهم أن يجري التعامل من قبل مثل هذه الطروحات النقدية المستجدة والجدية مع كل ما تقدم من جهد ومع ما يطرح من اجتهادات كالموقف من تفعيل قرار مجلس الشورى والشوريات وسواها بروح نقدية تقف فيها من تلك الجهود والاجتهادات والتفاعلات موقف النقد الذاتي لما تسميه هذه الكتابات ب"النسوية السعودية"، لا موقف النائي بنفسه عن هذه النسوية السعودية المتعالي عليها.
وأخيرا وليس آخرا فلا بد من ملاحظة ما تنطوي عليه ما تسميه هذه الطروحات ب"النسوية السعودية" من تنوع وتعدد وتقر به للتعامل معه كعنصر إثراء لا كعنصر إقصاء. ففي البداية والنهاية الوطن حق للجميع والشأن النسوي شأن عام وللكل حق حب الوطن واقتراح آليات الحلول للقضايا المعلقة مع تعميق المشتركات والحوار حول الاختلافات ما استطعنا إلى ذلك سبيلا دون لهجة استقوائية بالأبوية تنتقد مبدأ الإكراه فيما لا ترى غبارا عليه في فرض قرارات تريدها من القيادة السياسية دون حتى ربطها بشرط الحرية الشخصية والعامة, وكذلك دون لهجة نقدية تنتقد النخبوية فيما تقدم ما يجب أن يكون نقدا للذات النسوية بتنوعها وتعددها على أنه نقد من نسوية عارفة إلى نسوية تابعة في تعميم مخل بما يرام من تطور علاقات سوية بين الأطياف بأجيالها وتوجهاتها وتجاربها المختلفة.
فمن التحديات العمل على تفكيك البنى القديمة المتكلسة في تعاليها أو عزلتها واستبدالها ببنى أقدر على استيعاب التنوع والتعدد في لحمة وطنية والعمل معا لتعلم تجربة التحول نحو الإصلاح. ولله الأمر من قبل ومن بعد..
نقلا عن الجزيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.