السعودية تحبط تهريب 7 ملايين قرص إمفيتامين في العراق    أمير منطقة جازان يعتمد نتائج الفائزين بجائزة جازان للتفوق والإبداع    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : سراج السمن    من الصحابة.. سهل بن حنيف رضي الله عنه    "لازوردي للمجوهرات" تعين عدنان الخلف رئيسًا تنفيذيًا وعضوًا منتدبًا    الهلال يخسر لاعبه في الديربي أمام النصر    النفط ينهي سلسلة خسائر مع "انتعاش الأسواق"    قوات الاحتلال تعتقل 11 أسيرا فلسطينيا مفرج عنه من الخليل    نائب أمير منطقة عسير يشارك أبناءه الأيتام الإفطار الرمضاني    دول مجلس التعاون تخطو خطوات كبيرة وقيّمة لمكافحة الإسلاموفوبيا    جامعة الأمير سلطان تحصل على براءة اختراع لحماية حقوق المحتوى الرقمي    لبنان يرفض محاولة إسرائيلية لمقايضة تحديد الحدود والانسحاب باتفاق تطبيع    الهلال الأحمر بالمدينة يباشر أكثر من 8000 بلاغًا منذ بداية رمضان    إقامة الافطار الرمضاني لهيئة الصحفيين بمكة من أعلى إطلالة في بقاع المعمورة    ولي العهد يبحث مستجدات الأحداث مع رئيسة وزراء إيطاليا    اللجان الأولمبية الإفريقية تعترف بالاتحاد الدولي للهجن    تعزيز البيئة الاستثمارية في مكة    مرونة اقتصادية ونمو "غير النفطي".. «ستاندرد آند بورز» ترفع تصنيف السعودية الائتماني إلى «A+»    التزام راسخ بتعزيز الأمن والاستقرار في العالم.. ولي العهد.. دبلوماسية فاعلة في حل الأزمات الدولية    انطلاق «بسطة خير» لتمكين الباعة الجائلين    "أبشر" تتيح تجديد رخصة القيادة إلكترونياً    بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟    ترامب يحذر الحوثيين: حان وقتكم.. سنحاسبكم بالقوة المميتة    مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يعقد اجتماعًا لمناقشة التقارير وإصدار التوصيات    «المداح.. أسطورة العهد» مسلسل جديد في الطريق    الأخدود يصعق الأهلي بهدف قاتل    "سعودية" تبتكر تقنية متطورة لتوثيق نبضات الأجنة    823.9 ريالا فارقا سعريا بين أسعار الغرف الفندقية بالمملكة    هل تتعرض أمريكا للهجرة العكسية    ربط حي السفارات بشبكة النقل العام عبر حافلات الرياض    اختصاصي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    فتاوى الحوثيين تصدم اليمنيين    جبل أم القصص وبئر الصداقة!    مبابي يقود الريال لكسر عقدة فياريال    بدعم المملكة.. غينيا تحتفي بالفائزين في مسابقة القرآن    مسجد الجامع في ضباء ينضم للمرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان ضباء - واس ضمّت المرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مسجد الجامع في مدينة ضباء بمنطقة تبوك، نظرًا لكونه أحد أقدم المساجد التاريخية ورمزًا تراثيًا في ا    مراكيز الأحياء.. أيقونة رمضانية تجذب أهالي جازان    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 1-2    انفجار العماليق الكبار    وغابت الابتسامة    سفيرة المملكة في فنلندا تدشن برنامج خادم الحرمين لتوزيع التمور    الأذان.. تنوعت الأصوات فيه وتوحدت المعاني    خلافة هشام بن عبدالملك    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الأخدود    جمعية "شفيعاً" تنظّم رحلة عمرة مجانية لذوي الإعاقة والمرضى وكبار السن والفئات الاجتماعية برفقة أهاليهم    الصحة تجدد التزامها بحماية حقوق المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يستأصل ورماً كبيراً بمحجر العين بعملية منظار متقدمة    القسوة ملامح ضعف متخف    ودية تعيد نجم الاتحاد للملاعب    الأخضر يستعد للتنين بالأسماء الواعدة    «سلمان للإغاثة» يوزّع 1.390 سلة غذائية في محافظتين بالصومال    تركي بن محمد بن فهد يطلق عددًا من المبادرات الإنسانية والتنموية    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    عَلَم التوحيد    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديان بين النظرية والتطبيق
نشر في الوكاد يوم 28 - 12 - 2012

الإيمان بأي دين -سواء أكان من أديان أهل الكتاب أو من غيرهم- هو إيمان بأمر غيبي. وبما أن الغيب لا منطق معه، فالإيمان هو فطرة تُسلم وترضى بوجود خالق للكون. ولذا ينشأ الرجل على دين أبيه وأمه وفي الحديث «فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». ولهذا فإننا نرى الجهبذ الياباني الأبي النفس وقد سلَّم عقله لكاهن بوذا يركع له، والكاهن يدخنه ويتلو عليه تعويذاته. ونرى المفكر العبقري الأمريكي وقد تخلَّى عن عقله وعن منطقه وواقعيته وهو في جلسة اعتراف للقسيس يبوح فيها ما لا يبوح به لأحد ولو عُرضت رقبته تحت حد السيف. ونرى المريد مُسخر لشيخ طريقته يقوده كقيادة الراعي للنعاج. ونرى الشيعي وهو يشق جبهته وولده بضربها بالسلال والعصي تبعا لفتوى إمامه. وهم معذورون في ذلك، فأديانهم ومذاهبهم معقدة غامضة كهنوتية فيها خاصة وعامة. ولكننا نزعم أن ديننا الإسلام لا كهنوتية فيه ولا غموض. فهو دين نزل على أمة أمية. وحكمة ذلك ظاهرة، فهي من أجل أن يكون الإسلام دينا شاملا للحياة وسهلا صالحا للعالمين أجمعين إلى قيام الساعة. فبم نفسر جهل المسلمين في أبسط أمورهم وحاجتهم واستسلامهم المطلق لمن يفتيهم في غالب شؤون دينهم وتعلقهم به.
وقد حذرنا رسولنا عليه السلام -الذي لا ينطق عن الهوى- من الخروج عن هذا المنهج المتكامل، فلن يوجد دعوى التخصص في الدين إلا وسيوجد معها الأحبار والرهبان. فقال عليه السلام بوسيلة الإخبار الذي سيقع لا محالة -وهو النبي لا كذب-. «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة». وأعظم ما أفسد الأديان الأحبارُ والرهبانُ، قال تعالى محذراً من ذلك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} وقال عليه السلام مؤكداً ومحذراً: «أكثر منافقي أمتي قراؤها». وقد تحرر أهل الكتاب والمجوس والبوذيون من تسليم عقولهم لأحبارهم ورهبانهم وكهنتهم في شؤونهم الدنيوية، فلا يتخلون عن عقولهم إلا إذا دخلوا الكنائس والدور والمعابد. ثم إذا ما خرجوا، انطلقوا في كون الله وملكوته يفهمونه ويسخرونه تحت إرادة الله الكونية فتمكنوا بذلك من اعتلاء القمم. وعلى العكس، فقد تخلى المسلمون عن عقولهم في شؤونهم الدنيوية وانطلقوا يقاومون سنن الله الكونية بفتاوى دينية محرفة عن الشرع، بينما احتفظوا بعقولهم في مساجدهم وفي عباداتهم. فما زال ديننا في جانبه الإيماني والتعبدي لم يمسه تحريف شامل مستمر (حدث بعض التحريف ولكنه يُصحح) يخالف الفطرة التي هي دليل على صحة الإيمان بالغيب الذي جاء به محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. ودليل ذلك دخول غير المسلمين في الإسلام ولا عكس. ولذا ترى غالب المسلمين الجدد، متبع للإسلام في جانبه العقائدي والتعبدي التوقيفي لا جانبه المعاملاتي الذي أفسدته الآراء الإنسانية البعيدة عن الاستنباط الصحيح من النصوص الشرعية. ومن شواهد هذا الإسلام الجديد الذي يفصل بين الإيمان بالغيب في جوانبه العقائدية والتعبدية وبين جانبه المعاملاتي ما نراه في وضع تركيا اليوم، ونهج الإخوان المسلمين في دول الربيع العربي.
وصلاحية تطبيق ما جاء به الغيب على الواقع في معاملات الناس هو دليل على أن هذا الغيب رسالة ربانية وليست نظرية إنسانية. فالإنسان يستدل على الغيب بما يراه من محسوس وملموس في الواقع. فكثير هي النظريات التي وضعها بشر يتحدثون عن مجتمعات فاضلة لم تر النور، أو رأت ففشلت كالاشتراكية. فلا يصلح اليوم أن نحاول الدفاع عن الإسلام بالتنظير بعدالته وشموليته ونصرته للفقير والمحروم، بينما الواقع لا يشهد بهذا. بل الواجب أن نعود إلى فقهنا التطبيقي المعاملاتي ونرى أين انحرفنا في تطبيق الإسلام العملي. وسنجد أن مرده الجمود الفقهي والأحكام المحرفة الذي ما كان ليكون لولا دعوى فصل المسلم عن دينه بالكهنوتية التي زعمت أن هناك خاصة هم الفقهاء وهناك عامة هم الناس، «تبع لسنن من كان قبلنا».
وغالباً، لا يغير المرء العاقل دينه، إلا إذا رأى في واقعه دلائل منطقية محسوسة تدل على صحة نسبة الدين إلى الغيب. والأمر نسبة وتناسب. فعلى قدر بُعد دين المرء عن الواقع، على قدر ما تكون استجابته لنبذ دين قومه وإيمانه بالدين الجديد. ولذا ينتشر الدين الجديد في الجيل الذي عاصر منشأ وولادة الدين، لما يراه المغيرون لدينهم من أمور محسوسة في المعاملات والأخلاق. ثم بعد الجيل الأول، ينحرف الدين على أيدي الرهبان والأحبار والعلماء فيتوقف انتشاره ويبدأ في الانحسار.
وكم من قارئ قد يعجبه ما يقرأه هنا حتى إذا ما انتهى، سأل «ها وش قال الشيخ في فتوى مسألة كذا وكذا» لا أن يحاول أن يفهم المسألة، فالمسكوت عنه أن التبعية التعبدية لآراء الرجال هي من الإيمان بالغيب فهي من أعظم الشرك المتمثل في اتخاذهم أربابا من دون الله يحللون ويحرمون بلا دليل. وهذه التبعية التعبدية المغيبة لعقول الناس هي حجة المتمشيخة الغالبة في كل مناظرة أو حوار أو نقاش.
نقلا عن الجزيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.