قد يستغرب المستفيد من خدمات الشركة السعودية للكهرباء كثرة انقطاعها، خصوصا في فصل الصيف، وهي تحمل في رسالتها المساهمة في تحسين الحياة المعيشية، وتعزيز المركز التنافسي لاقتصاد المملكة في جميع المجالات، وتزويد عملائها بخدمة كهربائية مأمونة ذات موثوقية عالية وبأسعار عادلة. إنني اليوم لست بصدد انتقاد إمبراطورية الشركة السعودية للكهرباء، وإنما مناقشة ما يعمل على تحسين الخدمات المقدمة، التي لا تقدم بالمجان، وإنما لها قيمة تدفع مقابلها، ما سيسهم في زيادة الاستثمارات، سواء كانت محلية أو أجنبية، التي تصب جميعها في تعزيز المركز التنافسي لاقتصاد المملكة بين دول العالم.. فمنذ أعوام عديدة، ونحن نتابع مشكلات الكهرباء وانقطاع الخدمة في فصل الصيف، حتى تعود عليها المستفيدون وانتظار انقطاعها في فصل الصيف، لدرجة أن أحد الأصدقاء من المزارعين في شمال المملكة يقول إنه يفكر في استخدام ماكينات إنتاج كهرباء خاصة به، بعد تسبب الشركة له في خسائر بالغة، خصوصا في فصل الصيف، وذلك لاعتماده في استخراج المياه على الكهرباء.. جميع ذلك وشركتنا الموقرة لم نسمع عنها يوما أنها صرفت تعويضا لمواطن أو مستثمر جراء انقطاع الكهرباء من جهتها وتسببها في خسائر لهم، وهي التي اشتملت مرتكزات أعمالها على أربعة مرتكزات عامة تعمل على أساسها كإطار لإعداد الخطط التشغيلية والرأسمالية القصيرة وطويلة المدى.. ونسمع عن خطط بعيدة المدى ونريد متابعة تطبيقها على أرض الواقع من خلال الإعلان بكل شفافية وبشكل محدد يمكن قياسه وتقييمه. في المقابل، تتضمن رسالة هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج ضمان أن تكون إمدادات منتجات الكهرباء والمياه المحلاة المقدمة للمستهلك في المملكة كافية وموثوقة وعالية لجودة وبأسعار عادلة، كما تشمل أهدافها حماية المصلحة العامة وحماية حقوق المستهلكين في الحصول على خدمات كهرباء، وتحلية مياه، وإنتاج مزدوج، ذات جودة عالية، وآمنة، يعتمد عليها، وتتوفر بأسعار اقتصادية معقولة، والارتقاء بخدمات الكهرباء وتحلية المياه والإنتاج المزدوج التي تركز على العناية بالمستهلك وحماية حقه في الاختيار الحر بين مقدمي الخدمة المتنافسين، إلى جانب تشجيع المستثمرين من القطاع الخاص على المشاركة في تطوير صناعة الكهرباء وتحلية المياه، وحماية مصالحهم، وتمكينهم من تحقيق عوائد اقتصادية عادلة على استثماراتهم، وحقيقة لا نرى تفعيلا واضحا على أرض الواقع لهذه الأهداف أو المضامين. وقد يتفق معي كثيرون أنه لا نستطيع أن نحدد أين مشكلة الكهرباء هل هي في شركة الكهرباء الامبراطورية المتضخمة، أم في دور هيئة تنظيم الكهرباء والمأمول منها لتطوير القطاع والعمل على خلق سوق منافسة وإنهاء احتكار الشركة السعودية للكهرباء لخلق منافسة شريفة بكل ما تعنيه؟ ليس عيبا أن نعترف بالخطأ، ونعمل على تقويمه ونواجه الواقع بكل شفافية، فإن 53% من استهلاك الكهرباء يتم في القطاع السكني، فيما يستهلك القطاع الحكومي 14%، والقطاع الصناعي 18%، و11% للقطاع التجاري فيما يستحوذ القطاع الزراعي والمستشفيات الخاصة والمساجد والجوامع على ما نسبته 4% (حسب آخر إحصائية اطلعت عليها) إذاً القطاع الصناعي يمثل نحو 18% من إجمالي الاستهلاك، فهل مسؤولية هذا القطاع أن يتحمل عدم أداء الهيئة للدور المطلوب منها؟ وذلك عند التفكير في أي زيادة لأسعار خدمة الكهرباء تتجه الأنظار لهذا القطاع لتحميله خسارة الشركة في القطاع السكني؟ .. وأعتقد أن جميع الصناعيين يؤمنون بوجوب تحملهم التكلفة وربحا معقولا لشركة الكهرباء، لكن أن يتحملوا فشل جهات أخرى تلك مصيبة. يا أعزائي.. يا هيئة تنظيم الكهرباء لا يخفى على أحد نظرة العطف والرعاية من ولاة الأمر للمواطنين ضعيفي الدخل والتركيز على عدم زيادة الأعباء عليهم، كما أن ولاة الأمر لن يبخلوا بما يستطيعون إذا وصلت لهم المعلومة بالشكل الصحيح والأمين من تحمل الدولة مسؤوليتها الاجتماعية تجاههم، وأن تتحمل الدولة خسارة القطاع السكني وتعوض شركة الكهرباء عنها، ولكن من الظلم أن يتحمل قطاع أعباء قطاعات أخرى، حيث يأمل جميع الصناعيين من معالي وزير التجارة والصناعة أن يقوم بإيصال تلك الرسالة لولاة الأمر، الذين عودونا على دعمهم ومتابعتهم لكل ما يهم هذا القطاع والقطاعات الأخرى. نقلا عن الاقتصادية