بالتأكيد أول زيارات الرئيس تمثل رمزية خاصة لما تحمله من دلالات وتقدمه من رسائل، ذلك فى الدول التى يتم فيها تداول السلطة بصورة طبيعية، يكن منحنى تغير توجهات وسياسات الدولة محدودًا نسبيًا، أما فى حالتنا المصرية الخاصة، والتى حدث فيها تحولات جذرية فى نظام الحكم، فإن الأمر يختلف كثيرًا، فالعالم كله بقواه العالمية والإقليمية يترقب أول زيارة للرئيس المصرى المنتخب، والتى ستقدم العديد من الرسائل المتعددة والمتنوعة فى اتجاهاتها شتى. وأحسب أن فى تقديم السعودية على غيرها من باقى دول العالم لتكون الدولة الأولى التى يحط الرئيس المصرى الجديد رحاله إليها له الكثير من الأسباب لما تحمله من دلالات ورسائل سياسية متنوعة. تأكيدًا للعقيدة السياسية والمسار الإستراتيجى الجديد فى السياسة المصرية الخارجية فى استعادة بناء الذات فى أنه سيكون مسار عربى إسلامى بامتياز، نحو بناء قوة عربية علمية واقتصادية وسياسية كبيرة، يتبعها تحرك نحو بناء كيانات إسلامية عالمية قوية قادرة على التعاطى والعيش العادل الآمن الكريم مع الكيانات العالمية الكبرى. احترامًا وتقديرًا طبيعيًا لمكانة السعودية كبوابة شرعية للعالم والإسلامى والعربى بما تحمله من مكانة روحية خاصة فى نفس كل عربى وكل مسلم، وبتاريخها وبقيمتها الاقتصادية والسياسية، ومواقفها وقيادتها الحكيمة. تأكيد على هوية الدولة المصرية الجديدة، التى تحافظ على نهج الإسلام الوسطى المعتدل المتوافق بطبيعته مع الدول الديمقراطية المدنية الحديثة، والذى تعبر عنه أكبر دولتين فى المنطقة. رسالة واضحة للقوى المعادية بأن مشروع تفكيك العالم العربى والانفراد بدوله دولة دولة، قد ثبت فشله وانتهى عهده، وأننا أمام مرحلة جديدة من التوافق والوحدة العربية الحقيقية على مستوى المفاهيم والتوجهات والخيارات الإستراتيجية، وستترجم قريبًا إلى مشاريع تكامل حقيقية فى العديد من المجالات الاقتصادية والسياسية. تصفير لكافة المشاكل العربية العربية، عندما يتوافق الكبار فعلى الجميع أن يعود أدراجه ويراجع نفسه، ويصفى مواقفه ويصفر مشاكله البينية مع بقية إخوانه العرب فقد تم تدشين عهد جديد من عهود الوحدة والقومية العربية الممزوجة بعبق الإسلام الحنيف. رسالة واضحة لإيران بوحدة الصف العربى وإعادة النظر فى بناء علاقات وشراكات جديدة مع العالم العربى كوحدة وكتلة عربية واحدة، لا مع دوله كل دولة على حدة، على أساس من الاحترام المتبادل ورد الحقوق المغتصبة ووقف التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية. رسالة قوية للثورة السورية ورجالها الأبرار وجيشها الحر بأن أمتكم العربية الحامية لكم المناصرة لمطالبكم المشروعة والمؤيدة لكم قد عادت، وأن على قوى الشر أن تعود إدراجها سريعًا، وتعيد حساباتها فى الشأن السورى. بالتأكيد بزيارة الرئيس مرسى للسعودية وإعلانه بيانًا مشتركًا عن رأى ومطالب العرب فى الشأن السورى سيعلن دوليًا دخول عضو جديد وافد على المائدة الدولية (الأجنبية كلها) المشاركة فى تقرير مصير الشعب السورى. تأكيد واضح وقطعًا للطريق على فلول النظام السابق من التسلل عبر البوابات الخلفية ومحاولات إثارة أية فتن أو صناعة أزمات قد تهدد العلاقات المتينة بين مصر والمملكة. دعم كبير لمنطقة ودول الخليج أمام المشروع الإيرانى من جهة والمشروع الصهيو أمريكى من جهة أخرى فى الانفراد بمنطقة الخليج وابتزازها. بالتأكيد تعزيز العلاقة بين الكبيرين يعطى الأمان والاستقرار لكافة أبناء الأسرة العربية، ويعيد ترتيب الأفكار والأولويات والتوجهات والسياسات. وهنيئًا للرئيس الجديد بأن تكون قبلته السياسية متوافقة مع قبلته الدينية، وهنيئًا للسعودية بشرف أول زيارة للرئيس المصرى المنتخب، والتى تعنى أن السعودية لم تستضيف الرئيس مرسى فقط، وإنما استضافت الثمانين مليون مصرى الذين يعشقون كل ذرة تراب من تراب السعودية، ومثلت تهنئة جلالة الملك عبد الله برئيسهم الجديد وقعًا خاصًا يختلف عن كافة التهانى التى قدمت لهم. بالتأكيد بزيارة الرئيس الدكتور مرسى للسعودية يعلن إعلانًا ضمنيًا لتدشين المشروع العربى الموحد الجديد. نقلا عن صحيفة المصريون - مصر