نخدع أنفسنا، والسوريين، عندما نردد في وسائل إعلامنا عبارة «وفد المراقبين العرب»؛ فهم ليسوا كذلك؛ بل إنهم وفد المتفرجين العرب، الذين لا حول لهم ولا قوة، ولا يمكن أن يرجى من زيارتهم إلى سوريا شيء يذكر، غير إعطاء الفرص للنظام الأسدي لينكل بالشعب الأعزل. فمنذ وصول وفد المتفرجين العرب إلى سوريا وعدد القتلى السوريين على يد آلة القتل الأسدية في ازدياد، ومعاناة السوريين في تصاعد، وكذب النظام الأسدي لا ينتهي. وأكبر كذبة هي مسرحية التفجيرات الهزلية بدمشق التي نسبت لتنظيم القاعدة تارة، ولحركة الإخوان المسلمين السورية تارة أخرى. لذا فإن وفد المتفرجين العرب، ومع الاحترام لكل أعضائه، ليس له قيمة تذكر؛ فحمص تحت حصار دامٍ، وقمع لم يقم به حتى الإسرائيليون بحق الفلسطينيين، أو غيرهم من العرب؛ ففي حرب لبنان 2006، مثلا، هبَّ العالم لإيقاف الآلة العسكرية الإسرائيلية، ونجح، خلال أشهر قليلة لم تتجاوز الثلاثة أشهر، كما هبَّ العالم لإيقاف آلة الحرب الإسرائيلية بغزة، وأوقفت في فترة محدودة، بينما نجد أن قوات بشار الأسد تعربد بحق السوريين لمدة قاربت عشرة أشهر، أو أكثر، هذا ناهيك عن تدمير المساجد، وهدم المنازل، وقتل الشيوخ والنساء والأطفال، وبشكل لم تفعله حتى إسرائيل بحق الفلسطينيين، أو أي من العرب. فهل يمكن بعد ذلك كله الوثوق بوفد المتفرجين العرب، أو حتى بالجامعة العربية نفسها؟ الإجابة بكل بساطة هي: لا! فقد سبق أن قال الشيخ حمد بن جاسم إن سوريا على مشارف نهاية الطريق، ثم قال إنها تقترب من التدويل، وقبل ذلك كله قال بن جاسم للأسد إنه لا مجال للف والدوران، إلا أن تصريحات قطر لم تكن إلا كلاما لا يسمن ولا يغني من جوع، وعكس ما تم حيال ليبيا، بل أقل من الموقف القطري تجاه اليمن، وعلي عبد الله صالح؛ حيث انسحبت قطر من المبادرة الخليجية لأن صالح كان قد سوَّف وماطل فيها، قبل أن يوقِّع في السعودية. اليوم نجد النظام الأسدي في سوريا يسوِّف، ويماطل، ويكذب، ويقتل، ويعيث في الأرض فسادا، ولا موقف قطريا واضحا، وليس القصد هنا تسجيل نقاط سياسية تجاه الدوحة، بل لأن قطر هي من يترأس اللجنة العربية المعنية في سوريا، كما لا نلمس موقفا عربيا واضحا أيضا، عدا عن لعبة المتفرجين العرب، الذين لم يبدأوا زيارتهم إلى سوريا بمدينة حمص التي تئن تحت قصف المدافع الأسدية، هذا ناهيك عن باقي المناطق السورية الأخرى التي تعربد بها آلة القتل الأسدية، بل دشنوا رحلة الفرجة بدمشق، وزيارة التفجيرات المهزلة. وعليه.. فإذا لم يتحرك العرب لنقل الملف السوري إلى مجلس الأمن، أو إعلان فشلهم، وفشل المبادرة العربية الفاشلة أصلا، فإنهم ليسوا إلا طرفا مشاركا بمعاناة العزل السوريين، وسببا لما ستؤول إليه الأمور بسوريا؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس، والجامعة، ووفدها في سوريا، ليسوا إلا متفرجين، وسببا في إطالة عمر الأزمة السورية؛ حيث يمنحون النظام الأسدي فرصة تلو الأخرى لقتل السوريين العزل. [email protected]