يا لها من سخرية.. إذ تفتق ذهن النظام السوري عن خطوات «إصلاحية» غير مسبوقة، فقد قام نظام البعث العلماني في دمشق بإطلاق فضائية دينية، في الوقت الذي قام فيه بإغلاق الكثير من المساجد في سوريا، وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية! وكالة أنباء النظام تقول إن القناة البعثية ستقوم ببث خطب صلاة الجمعة، والبرامج الدينية المتنوعة، والهدف هو تحقيق «فهم صحيح للإسلام والقواعد الشرعية». فهل هناك سخرية، وعبث، أكثر من هذا، نظام يغلق بيوت الله، وهو أمر لم تفعله حتى قوى الاحتلال، ويقتل مواطنيه بكل وحشية، مثل ما شاهدنا في مدينة حماه يوم الأحد الماضي، ثم يقول إنه يريد تصحيح الإسلام، والقواعد الشرعية؟ والأدهى والأمر أن رجلا يدعي العلم بالشريعة، مثل محمد سعيد رمضان البوطي، يقول إن من يريد إسقاط نظام بشار الأسد يريد «إسقاط الإسلام»، فهل يرضي الإسلام الذي يفهمه الشيخ البوطي، ما حدث ويحدث في سوريا من قتل وقمع وحشي للشعب؟ وهل مقبول أن يسمح للمصلين السوريين بدخول المساجد من خلال إبراز بطاقات الهوية؟ الأمر المضحك، وهو ضحك كالبكاء، أن مستشارة بشار الأسد بثينة شعبان، والتي تشدقت إبان ثورة مصر قائلة إن سقوط نظام مبارك كان تنفيذا للإرادة الشعبية، واليوم تعظ السيدة شعبان السوريين في حلب وتطلب منهم أن يستمعوا لمن يقول إن الثوار المصريين يتلقون تمويلا خارجيا. وهذا ليس كل شيء بالطبع، فالسيدة شعبان تقول إن سوريا محسودة من كل العالم! الحقيقة أن النظام السوري محسود فقط من قبل الديكتاتوريات التي تقتل شعوبها وتتعرض للضغوط الدولية، بينما تجاوز عدد ضحايا نظام دمشق من السوريين العزل ضحايا حرب إسرائيل على غزة، وضحايا حرب إسرائيل الأخيرة على لبنان، والعالم يمارس صمتا مخزيا تجاه نظام الأسد. وليس المقصود الإدانة اللفظية، بل اتخاذ قرارات حقيقية ضد نظام الأسد عبر مجلس الأمن الدولي، ناهيك عن الصمت العربي المخزي، دولا ومنظمات، فحتى منظمة المؤتمر الإسلامي لم تقل كلمة بحق الاعتداء على النفس التي حرم الله، ولم تدن حتى الاعتداء على بيوت الله في سوريا. والنظام السوري محسود أيضا من قبل الديكتاتوريين لأنه عندما أغلق المساجد لم يعترض أحد خارج سوريا، بينما قام العالم ولم يقعد يوم أغلق نظام مبارك الإنترنت والرسائل الهاتفية! لذا، فلا غرابة لو عطل نظام دمشق حدود الله، وأغلق بيوته، وأراق دماء الأبرياء، ثم يعلن إنشاء فضائية دينية لتصحيح الإسلام، ما دام العرب ملتزمين الصمت، ولم ينكروا جرائم النظام بحق شعبه، النظام الذي لم يتوان عن اختلاق الأكاذيب الواحدة تلو الأخرى، تارة عن جماعات سلفية، وأخرى مسلحة، وغيرها، وما دام المجتمع الدولي لا يفعل شيئا لإيقاف هذه الجرائم. فهذا النظام القمعي فعل، ويفعل، المستحيل للحفاظ على الحكم، ولو بقتل الأبرياء، وفي أولى ليالي رمضان. حقا إنها مأساة حين نرى نظاما يقتل شعبه، ويغلق المساجد، ثم يعلن إنشاء فضائية لتصحيح المفاهيم الإسلامية والشرعية، ويباركها من يصفون أنفسهم بأنهم رجال دين نقلا عن الشرق الاوسط السعودية