دراسة القضايا المؤثرة في الاقتصاد الوطني وتشخيصها، والوقوف على معوقات النمو في هذا الاقتصاد وتحليل جوانبها، والعمل على تذليل ما يواجهه من عقبات، في مناخ يرمي إلى تأصيل مبدأ الحوار والمشاركة بين قطاعات المجتمع الاقتصادي، هو أبرز الأهداف التي تتمحور حولها رسالة منتدى الرياض الاقتصادي ، الذي انطلقت يوم أمس أعمال دورته الخامسة، حيث يقام نشاطه الرئيسي كل سنتين لمناقشة القضايا المتعلقة بتطوير البيئة الاقتصادية في المملكة . لقد حدد المنتدى في دورته الحالية خمس دراسات تم اختيارها بناء على آلية يتبناها القائمون على المنتدى في هذا الشأن، وكلفت مكاتب استشارية لإعداد تلك الدراسات التي تنظم لها وفق منهج متابعة محدد حلقات نقاش متسلسلة تبحث ضمن إطار هذه الحلقات الأهداف والعناصر التفصيلية والنتائج الأولية والتوصيات المقترحة لتلك الدراسات، وآليات تنفيذها، وقد شملت تلك الدراسات في الدورة الحالية العناوين التالية : رؤية لتحقيق التنمية المتوازنة بمناطق المملكة، وتطوير النقل داخل المدن، وتقييم الاستثمار في المملكة، والأمن الغذائي بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الرزراعي الخارجي، والتعليم الفني والتدريب التقني، وتأتي هذه الدراسات ضمن تتابع لعدد من القضايا التي قام المنتدى بدراستها على مدى دوراته الأربع الماضية، وأثمرت عن خمس وعشرين دراسة لقضايا اقتصادية وطنية يرى المنتدى أنها الأكثر إلحاحاً في أهمية معالجتها . إن الجميع ليتفق بأن القضايا التي تمت دراستها على مدى نحو عقد من سنوات العمر المديد والمتطور للمنتدى بإذنه تعالى، والتي تم تناولها بالبحث والاستقصاء والتحليل والاستفادة في معالجتها بالتجارب العالمية المشابهة، هي قضايا ذات بعد وطني وإستراتيجي حرص القائمون على المنتدى أن يكون اختيارها قائم على المشاركة بين كافة أطياف المجتمع الاقتصادي بالمملكة، إلا أن ذلك لا يمنع على الاطلاق من التوقف عند تلك التجربة قصيرة المدى نسبياً للمنتدى وطرح الرأي بشأن عطائها على مدى تلك السنوات، وبالذات الدراسات التي جرى إعدادها وبحثها، وانتهت بالعديد من التوصيات التي نتمنى ألا نقطف ثمار بعض منها فقط ممن تم تبنيه، وإنما نتطلع أن تصل تلك التوصيات لقدر عال من الدقة في معالجة جوانب تلك القضايا، وبالتالي يتاح إمكانية تنفيذ كل ما تتضمنه من رؤى ومقترحات دون استثناء . الوقفة الأولى هي أن المنتدى في دوراته الخمس ومن خلال القضايا التي تمت دراستها والتي يتفاوت عدد تلك الدراسات مابين دورة وأخرى، لا يوجد هناك رابط مشترك بين مختلف القضايا التي يتم تناولها في تلك الدراسات، فالبعض يتناول قضايا التنمية الاقتصادية الإقليمية، والآخر يتناول اقتصاديات النقل، وأخرى تبحث في الأبعاد الاقتصادية لتطوير الموارد البشرية، وهكذا لا نجد شعاراً واضحاً لكل دورة ،مما يتيح إمكانية التكامل والشمولية في بحث الموضوع الرئيسي للمنتدى الذي يمكن أن يرفع شعاره في كل دوره، ويوجد بالتالي قدر من الصلة والانسجام والتكامل في بلوغ الأهداف مما يطرح من مقترحات وتوصيات يتم التوصل اليها في نهاية المطاف . الوقفة الثانية تتعلق بعناوين الدراسات وما تتناوله من قضايا يتم اختيارها مداراً للبحث والمناقشة وما تتصف به تلك الدراسات من اتساع في إطار الموضوعات التي تعنى بها، حيث تبدو عناصرها على قدر من التعدد والامتداد في تفاصيلها الذي يجعل من الصعب الإلمام بكافة جوانبها التخصصية من قبل استشاري واحد وخلال فترة زمنية معينة، وذلك من أجل الوصول لمقترحات وتوصيات دقيقة ومحددة وذات آليات واضحة للتنفيذ، فدراسة تعنى مثلاً بتحقيق التنمية المتوزانة لمناطق المملكة يصعب أن تختزل جوانبها في دراسة منفردة، لا سيما وأن لكل جانب من تلك الجوانب أبعاده البيئية والاجتماعية والإدارية خلاف الاقتصادية التي ليست بمعزل مطلقاً عن تلك الأبعاد حين دراستها . الوقفة الثالثة هي ما يتصل بتكرار دراسة بعض القضايا في أكثر من دورة للمنتدى مثل بيئة الاستثمار في المملكة، والبيئة التشريعية والقضائية، والشراكة أو العلاقة بين القطاع الخاص والعام ومشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية، وغيرها من القضايا، التي توحي بإمكانية أن يكون للمنتدى مستقبلاً محاور أساسية ذات صلة بالاقتصاد المحلي يمكن أن تصبح ثابته في كل دورة للمنتدى وتندرج تحت مظلة كاملة أكثر منها تلك القضايا ذات الصلة بموضوع واحد، وبالتالي تناول تلك الموضوعات بالدراسة في كل دورة ولكن بجوانب وأوجه مختلفة للقضايا المتصلة بها . الوقفة الرابعة هي ما يتعلق بغياب القضايا المؤثرة في الاقتصاد الوطني بوجه أو بآخر ولم تشملها دراسات المنتدى في مختلف دوراته الخمس بالرغم من أهميتها، مثل قضايا الإسكان، والبطالة وتدني مستوى الدخل والقدرة الشرائية لشريحة من المواطنين، ونحوها من القضايا ذات البعد الاقتصادي الواضح ، وبحث دور القطاع الخاص ومساهمته في معالجتها . ولعلي أكتفي بتلك الوقفات التي أجد أن الحيز المتاح لا يتيح لي الاسترسال في مزيد منها . نقلا عن الرياض