بعضنا يخاف على كومة حديد كالسيارة أكثر من نساء بيته اللاتي من دم ولحم! لماذا أقول ذلك؟ أخبرتني زميلة أن زوجها سيشتري سيارة جديدة، وقد اقترحت عليه اللون الأسود، فقال لها "الأسود لا يصلح في ظلّ الحرارة الساخنة لشمسنا العامودية علينا، فهو لون يمتص الحرارة وقد يؤذي السيارة!" مثل هذا الكلام ليس للمرة الأولى أسمعه، كثيرون يفضلون الألوان الفاتحة لسياراتهم ويبتعدون عن الأسود، رغم أنه ملك الألوان ويضفي سحراً وجاذبية وفخامة! لكنه غير مرغوب نتيجة امتصاصه حرارة الشمس خلال الصيف الذي لا يبارحنا إلا قليلا، والآن نحنُ في عزّ الصيف، وملايين النساء والفتيات وحتى الطفلات مُلزمات بارتداء العباءات السوداء، ومن تتجرأ على اختيار لون كالرمادي أو السماوي أو البني لعباءتها حتى يُلاحقها الناصحون وكأنها ارتكبت "كبيرة"، أو تلاحقها نظرات الاستغراب أينما مشت، وقد ترميها بالشك والريبة، ولا أعلم لماذا يجب أن تكون العباءة سوداء؟! فما جاء في الدين هو أن تكون المرأة محتشمة بلباس لا يشف ولا يصف جسدها، ولم أسمع ولم أقرأ نصاً منقولاً دينياً يُوجب على المرأة ارتداء الأسود للعباءة! وبالأسبوع الماضي خلال مقالي ليوم الاثنين "هل يبحث السياح السعوديون عن الألوان؟! "أشرتُ إلى أننا نكاد نتشابه في حياتنا بسبب غلبة اللونين الأبيض والأسود، وسبحان الله الأبيض للرجال وهذا الأسود للنساء! وبعيداً عن قراءة دلالات اللونين العاكسة على حياة كل منهما في المجتمع؛ أجد في ظل حرارة الصيف القاسية جداً لدينا والتي تصل إلى درجة تتجاوز الخمسين أحياناً أن الناس رجالاً ونساءً يحتاجون ارتداء الألوان الفاتحة التي تعكس الحرارة ولا تمتصها، فتقيهم شرها وشر الأمراض الجلدية والسرطانية التي تتسبب فيها الأشعة فوق البنفسجية للشمس، فنحن "مش ناقصات"! والعباءات السوداء التي ترتديها النساء تمتص الحرارة وبالتالي أجسادهن، وبصراحة تكفي الأمراض المنتشرة بين السعوديات كالسمنة والهشاشة والسكري ولسنا بحاجة للمزيد! وعلينا أن نتساءل لماذا نسب إصابة النساء لدينا بأمراض السرطان مرتفعة أكثر من الرجال؟! بل ولماذا تُصاب الصغيرات به بنسب مرتفعة عن قريناتهن في المجتمعات الأخرى؟ السبب معروف، الأسود الذي يرتدينه يومياً من وإلى المدارس والجامعات وتزداد خطورته على أجسادهن وعظامهن وهنّ في طور النمو خلال ارتدائهن له فترة الظهيرة! وكم أشفق على بناتنا في عزّ فترة الظهيرة ممن يسرن على أقدامهن عائدات من مدارسهن.. أخيراً الدين يُسر وليس عُسر، وأساس الحجاب هو تعامل المرأة مع مبدأ الاحتشام وليس اللون الأسود، وكم من حجاب أسود من أعلى الرأس بات فاتناً وجاذباً، وإلا لما غنّى محمد عبده "ما هقيت إن البراقع يفتنني" وكم من امرأة غير محجبة وتبدو في قمة احتشامها واحترامها، وما هذا اللون الأسود للعباءة إلا عادة وليس عبادة! وعلينا إعادة النظر، فما المشكلة لو كانت العباءة بلون رمادي أو سماوي أو بيج أو أي لون فاتح؟! إنها ألوان تحمي من حرارة الصيف القاسية، فهل تبعث على الفتنة؟! بل الأسود أكثر الألوان فتنة وإبرازاً للجمال، ولو كان متلاشياً تحت العباءة، فهل وصل حال الرجال أن تفتنهم مجرد ألوان في ظلّ تحقق الاحتشام والستر؟ إن حصل ذلك فالمرض في تربية الرجال وليس في اختيار الألوان! لأنها مجرد ألوان! نقلا عن الوطن السعودية