غريب هذا الذي يحصل في مجتمعنا من تهجم على الاخر انتقل مع الأسف من المواقع الالكترونية إلى الفضائيات ثم اتجه إلى بعض منابر المساجد!!, وأصبحت تفطر على فضائيات مليئة بالاحتقان اللفظي , وتتعشى على اخرى مليئة بالتهجم والاستنقاص من الآخرين ،لا هم لها إلا الربح المادي ، وتصلي في المسجد لتجد بعض من يعتلي المنابر بدل أن يدعو إلى الخير وغرس مبادئ وأسس العقيدة الإسلامية السليمة الصالحة والصحيحة , والذي يفترض أيضا أنها بيوت الله لا يقال فيها إلا الكلمة الطيبة,والحث على مكارم الأخلاق والعمل الصالح وتنوير المجتمع وتوعيته وتبصيره بأمور دينه ودنياه ، تجده يتهجم على خلق الله ونعتهم بنعوت لا تليق بآدمية البشر وكأنه هو منزه من النقائص والعيوب وغيره ناقص!!. هؤلاء , وهم فئة قليلة جدا تعد على الأصابع ، انما يزرعون الأحقاد والكراهية والبغضاء بين أبناء المجتمع الواحد، والتي بدون أدنى شك تؤثر على وحدة المجتمع الوطنية وتماسك جبهته الداخلية ان لم يتم تداركها . هذه الفضائيات وتلك المنابر تثير النعرات الطائفية الدينية المذهبية والعرقية والقبلية إلى غيرها من التحريض على الفتنة والخروج عن النظام العام . الواقع يقول لنا أننا في مجتمعنا نستغرب من تصرفات فئة قليلة جدا تميل إلى التطرف إلى أقصى اليمين من أجل المحافظة على القديم بسلبه وإيجابه وفئة أخرى تميل إلى التطرف إلى اليسار من أجل التحرر من القديم بسلبه وإيجابه ومن يدفع ثمن ذلك هو مجتمعنا الذي يفترض أن يكون أمة وسطا مابين اليمين وما بين اليسار . هذا المجتمع الوسطي أصبح يعاني من تطرف تلك الفئتين التي اغتنمت فرصة غياب العقوبة الرادعة , التي توقف كل إنسان عند حده ، لكي تصول وتجول . مواطن يسمي نفسه «بالشيخ» يطالب بهدم المسجد الحرام بمكة لأن فيه اختلاطا ؟! . وإذا كان التخوف هو من التحرش لوجدنا على سبيل المثال في أمريكا أن التحرش عقوبته من أشد العقوبات لأن هناك قوانين تضبط الاختلاط ، ولم نر في أمريكا أن الناس هناك تلاحق النساء في الشوارع والمحلات التجارية وترمي عليهن أرقام هواتفهم , أو أرباب العمل يتجرؤون على التحرش بالنساء العاملات لديهم . ثم لم يتوقف هذا المواطن «الشيخ» عند هذا الحد بل وصل به الأمر إلى المطالبة بمحاكمة مسؤولين في الدولة بدون وجه حق وبدون بينة وهم يؤدون أعمالهم مثلما يطلب منهم . فنحن هنا لا نبرر ولكن الأخطاء موجودة في كل مكان وفي كل عمل وليس هناك كامل إلا الله جلت قدرته , ثم إذا كان هذا المواطن لديه أمور شخصية يريد تصفيتها فيجب أن لا تكون على حسابنا نحن كمجتمع, فالتشكيك بأمانة ونزاهة الآخرين مواطنا كان أم مسؤولا أمر نرفضه جميعا, ثم من وكلك علينا لكي تطالب بمحاكمة من لا يروق لك ؟ , «فالبينة على من ادعى» وإذا كانت لديك البينة فولاة الأمر لدينا أبوابهم مفتوحة , وقلوبهم تتسع للجميع وإلا فإننا سوف نطالب هذا المسؤول بان يرفع عليك قضية رد اعتبار وسوف نقف بجانبه ضدك ؟ ثم تجد مواطنا آخر.. شاب صغير في السن ، لم ينضج بعد ، يتسمى «بالشيخ» يعتلي المنابر ويتهجم على كل إنسان يختلف معه في الرأي ووجهات النظر بل وصل به الحد من غطرسته إلى أن يصف البعض منا الصحفيين بأننا والعياذ بالله لا نساوي «بصاق» أحد خلق الله أعزكم الله , هذا المواطن ذكرنا بأيام خالية عندما كان لدينا ممن يطلقون على أنفسهم دعاة ويعتلون المنابر ويفتون بدون علم من خلال التسجيلات الإسلامية والمطويات وبيع الكفارات على أبواب البقالات الكبيرة والمحلات التجارية ويضحكون على السذج من الناس بأنه بدفع تلك الكفارات تم تطهيرهم من الدنس والذنوب , أي «صكوك غفران» ؟ وكراتين المساجد لجمع التبرعات من خلال أطفال صغار في السن ثم يمولون بريع تلك التسجيلات والمطويات والتبرعات والزكوات وغيرها الإرهاب والإرهابيين أو بغسلها ، وهو ما يعرف ب «غسل الأموال» أي حرفها من مصادرها الرئيسة» التبرعات» للمتاجرة , وإذا استمرت الجهات المعنية بالسماح لهؤلاء بأن يصولوا ويجولوا بدون عقاب رادع فأنهم سوف يرجعوننا إلى المربع الأول مربع التحريض على الفتنة والفتاوى المسيسة والخروج على النظام العام كما أسلفنا .!! واقع الحال يقول لنا أن من يقوم بتلك الأمور بالتهجم على عباد الله هم فئة قليلة بل يعدون على الأصابع ويفترض عمل دورات تدريبية لهم وتذكيرهم بالآية القرآنية الكريمة التي يقول فيها الله جلت قدرته (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) صدق الله العظيم. ويقول رسولنا وحبيبنا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده......». والمجادلة هي الحوار وإقناع الآخرين بالحكمة وبالحسنى وليس بنعتهم بنعوت بذيئة . الشيء الغريب والعجيب أننا لا نعلم من نصب هؤلاء أوصياء علينا , ولا ندري من أعطاهم الحق والجرأة في التهجم على خلق الله ، وكأن في مجتمعنا لا توجد لدينا أنظمة وقوانين تردعهم ومؤسسات لإنفاذ القوانين ومؤسسات حقوقية تردع من تسول له نفسه التهجم الشخصي والتجريح الشخصي بعبارات لا تليق ببني آدم الذي خلقه الله في أحسن تقويم. ولكن يبدو أن البعض منهم أمن العقوبة ووجدها فرصة للبحث عن البهرجة الإعلامية والشهرة عن طريق تطبيق المثل القائل «خالف تعرف أو تذكر» والسبب غياب القوانين الرادعة كما أسلفنا. بالأمس القريب مواطن يطلق على نفسه»بروفيسور» تهجم على أهلنا في الشمال والجنوب واستنقص من شخصية أعز خلق الله رسولنا الأعظم ولم نجد هذا وغيره يتم تناولهم في خطبة الجمعة من على المنابر لماذا ؟ لأنه تلبس بالدين وغذى القنوات الدينية بأفكاره المتطرفة وتحليلاته العقيمة التي لا تدل على رجاحة عقل . وهنا نطالب سماحة الوالد المفتي جزاه الله خيرا , الذي عندما سألته ، في ندوة للحوار الفكري ، عن من يفتون بدون علم قال أن هناك مرسوما ملكيا ينظم الإفتاء والحد من هؤلاء المفتين بدون علم وأوفى بكلامه أثابه الله ونطالب سماحته الآن أيضا بان يقنن لنا لقب الشيخ مثلما تم تقنين الفتاوى وحصرها بأهل العلم الشرعي الصحيح والسليم الملمين الماما كاملا بالمذاهب الإسلامية ومشهود لهم بالتقوى والورع ومخافة الله والنزاهة والأمانة والإخلاص ومحبة الله وخلقه . فالمشيخة ليست بالبساطة التي يتصورها أي إنسان وليست منحة تهب لمن هب ودب وتعطى بالمجان بل إنه مسمى من أعظم المسميات لأن من يتسمى بها عليه أعباء كبيرة تجاه مجتمعه بنشر سماحة وقيم الإسلام العليا والمحبة والحفاظ على حقوق الإنسان بنشر العدل والمساواة والحرص على انسجام المجتمع بجميع شرائحه وتماسك جبهته الداخلية ووحدته الوطنية إلى غيرها من قيم الإسلام السمحة. [email protected] نقلا عن المدينة