جزى الله الشدائد السياسية كل خير، عرفت بها صديقي من عدوي، لم أجد للزعامات الإيرانية ولقائم مقامهم في لبنان بعد مواقفهم وتصريحاتهم الأخيرة عن انتفاضة الشعب السوري إلا الحكمة الشهيرة «إذا كان الكلام في الانتفاضة السورية من فضة، فالسكوت من ذهب»، كل مرة يصرح فيها نصر الله بعد الهبة الشعبية السورية نتمتم ب«يا ليته سكت»، أراد زعيم الحزب الإلهي، حسن نصر الله، بتصريحاته الأخيرة أن يقنع الشعب السوري، ويقنعنا معهم، بأن النظام السوري هو الحصن الأخير المقاوم لإسرائيل، وعليه فعلى الشعب السوري أن يهدأ، وعلى جموع المتظاهرين أن تعود إلى بيوتها كي تفوت الفرصة على المخططات الصهيونية في هدم آخر حصون الممانعة. وبما أننا، معشر الشعب العربي، شريحة مستهدفة لتصريحات وفهلوات المفوه حسن نصر الله، نود أن نقول لرجل إيران في لبنان إننا تحولنا من درجة الاختلاف معك إلى درجة الاستسخاف والاستخفاف بتصريحاتك، فانتبه لما تقول، نحن لا نفهم من تصريحاتك إلا أنك - باسم مقاومة إسرائيل - تريد منا أن نتفهم دموية النظام السوري في تعامله مع الاحتجاجات الشعبية، وباسم الممانعة، تعطي رخصة الذبح لماهر ولكتائبه الشرسة، لتقتل وتفتك بالشعب السوري. وباسم المقاومة تريدنا أن نسكت عن تشريد الآلاف من الشعب السوري ذي النفس الأبية، ليكون عالة على الأتراك ومؤسسات العالم الإنسانية، وباسم الممانعة على السوريين أن يقبلوا أن يجثم النظام «الوراثي» القمعي على صدر الشعب الصابر لتتوارث الأسرة «الجملوكية» مقاليد الحكم أبا عن جد، وباسم مقاومة إسرائيل على المتظاهرين السلميين أن يتحملوا ركل وجوههم والدعس بالجزم الغليظة على بطونهم الجائعة، وباسم الممانعة يجب أن نتفهم سجن عشرات الآلاف من المواطنين الذين ليس لهم ذنب إلا المطالبة بالحرية والإنسانية والكرامة، وباسم المقاومة على الشعب أن يرضى باحتكار الطائفة الأقلية لكل المناصب السيادية ومفاصل الحكم، وباسم الممانعة توصم الأكثرية المحرومة بالطائفية لو طالبت بكسر هذا الاحتكار، وباسم المقاومة علينا أن نستسلم للمخطط الإيراني الذي يتخذ من النظام السوري وحزب الله مخلبين حادين له في المنطقة. يوجه حسن نصر الله خطابه للسوريين، ويقول إنكم بمطالباتكم بإسقاط النظام تعملون على تكريس المخطط الإسرائيلي الأميركي للسيطرة على المنطقة، وهذا فيه استخفاف بعقول السوريين وعقولنا معهم، فلا نعلم على كوكبنا الأرضي جهات تضررت بصورة مباشرة من ترنح النظام السوري إلا ثلاثة أطراف: إيران وحزب الله وإسرائيل، كل العالم لاحظ الوجوم والقلق الذي ظهر على وجوه القادة الإسرائيليين خوفا على مستقبل الحدود، التي كفل النظام السوري أمنها بكل أمانة، من يقاوم من؟ ومن يمانع من؟ الاستخفاف بعقول البشر، كما هي تصريحات زعيم الحزب الإلهي الأخيرة، سمة تتسم بها القيادات الديكتاتورية أثناء الأزمات، فتهذي بما لا تدري، بشار الأسد، رئيس أكثر الأنظمة ديكتاتورية، يقول إن نظامه سيعطي دول العالم دروسا في الديمقراطية، ووزيره المعلم قرر أن يقتلع الدول الغربية من الجغرافيا والتاريخ، وقبلهما القذافي وصف شعبه بالجرذان، وها هو الآن يختبئ كما تختبئ الجرذان، الشيء الوحيد الذي صدق فيه القذافي حين قال: «أنا معي الملايين»، نعم معه الملايين، لكن من الدولارات التي يشتري بها ذمم المرتزقة لقتال شعبه، الجميل في تصريحات القذافي ونصر الله ورموز النظام السوري أنها أصبحت نكات تتندر بها الشعوب العربية، كما تتندر بطرائف الكوميديين، جحا وغوار الطوشة وعادل إمام. نقلا عن الشرق الاوسط السعودية