تمكنت بعض الأسر السعودية خلال العقود الماضية من بناء مساكن تتميز بكبر مساحاتها وكثرة عناصرها وتكرار مكوناتها (مثل: توفير أكثر من مجلس لاستقبال الضيوف) دون الحاجة الفعلية إليها. وارتبط في أذهان العديد من الناس أن كبر مساحة المسكن وكثرة عناصره دليل على أهمية الشخص ومكانته الاجتماعية. ولكن المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية تحتم علينا النظر في بدائل ميسرة تمكِّن الأسر من امتلاك مساكنها دون أن تشكل عبئا على عاتق أرباب الأسر عند دفع قيمتها في البداية أو عند الحاجة إلى صيانتها والعناية بها. إن توفير المسكن - ميسر الامتلاك بالنسبة للأسر - ضروري للتنمية بجانبيها الاقتصادي والاجتماعي؛ فالزيادة في معدلات نمو السكان، وتغير تركيبة الأسرة السعودية وحجمها وبعض خصائصها التقليدية، وغيرها من العوامل الاقتصادية والاجتماعية؛ تشير إلى الاهتمام بقضية تيسير الحصول على المسكن، فعلى المعنيين بتوفير الإسكان العمل على تقليص الفجوة بين دخل الأسرة وتكلفة المسكن، والتقريب بين ما ترغب الأسرة في الحصول عليه وما تستطيع أن تمتلكه. ويعد خفض تكاليف المسكن من خلال التصميم المعماري إحدى الحلقات الأساسية لتقليص هذه الفجوة. ولكي تتمكن الأسر ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة من الحصول على المسكن وامتلاكه؛ يجب أن يتوافق تصميمه مع المبادئ التي تعمل على خفض التكلفة؛ لذا يتعين عند تصميم المساكن العناية الفائقة بترشيد المساحة المبنية، والحد من التعقيد المعماري، ولكن مع الحفاظ على الجودة وتوفير العناصر والفراغات التي تفي بالاحتياجات والمتطلبات الأساسية للأسرة. ومن هذا المنطلق يلزم العمل على تصغير مساحة الأرض والاستعمال الفعال لها، وإلغاء جميع المساحات غير المستغلة في المسكن أو تحويلها إلى عناصر وظيفية تخدم احتياجات الأسرة اليومية، والأخذ بمبدأ المرونة في تصميم المسكن، وتعدد وظائف فراغاته، وجعل توسيعه وقابلية نموه وإعادة تشكيله ممكنة وسهلة. إن تخفيض المساحة المبنية للمسكن بالقدر الذي يتوافق مع الاحتياجات المعيشية والمتطلبات الوظيفية ''الحقيقية'' للأسرة، والوصول إلى أقل الأبعاد الملائمة لاحتياجاتهم من عناصر المسكن؛ يعد من أهم العوامل المؤثرة في خفض تكلفة المسكن، كما أن العناية بخفض نسبة مساحة الممرات المخصصة للحركة إلى أقل ما يمكن، وتجنب الفراغات المهدرة وغير المستغلة؛ يخفض تكلفة الإنشاء، وكذلك التكاليف المستمرة اللازمة للصيانة والنظافة. كما يتعين لجعل المسكن ميسرا البعد عن تخصيص وظيفة واحدة لكل غرفة، وخصوصا تلك التي تستخدم في فترات متباعدة جدا وربما نادرا، والعناية بتطبيق التعددية الوظيفية لعناصر المسكن والتأكيد على مرونة استخدامها لتستوعب أنشطة متعددة تؤدي إلى رفع كفاءتها التشغيلية. إن تمكين الأسرة من دفع قدر ما تستطيع لمسكن ابتدائي صغير يمكن أن ينمو ويتسع في المستقبل حسب تغير حاجة الأسرة ومقدرتها؛ يسهل على كثير من الأسر عملية المسكن. وللاستفادة من هذا المفهوم فإنه يجب أن يتم القبول بوحدات سكنية أساسية صغيرة، توفر الاحتياجات الأساسية للأسرة، وتتمتع بقابلية النمو حسب تغير احتياجاتها وزيادة عدد أفرادها. كما يتعين على المهندسين المعماريين العناية بتقديم تصاميم مبسطة بعيدة كل البعد عن التعقيد في التكوين المعماري لمبنى المسكن أو في طريقة توزيع عناصره وتشكيلها. وستسهم التصاميم البسيطة وغير المعقدة في سهولة التنفيذ وخفض كميات الفاقد من مواد البناء، ومن ثم خفض التكاليف دون أن يخل ذلك بالنواحي الجمالية وباحتياجات الأسرة. نقلا عن الاقتصادية السعودية