المسؤولية الاجتماعية هي أحد الالتزامات لدى الجهات الاعتبارية أمام محيطها الذي تعمل فيه ومجتمعها الذي تتعايش معه فيما يخدم تنميته ويزيد من مقومات نتاجه وذلك إما بشكل مباشر كالتبرعات العينية أو الإسهام في تحمل التكاليف المالية لمشروع ما أو بشكل غير مباشر كالمساهمة بجهد أو تقديم خدمة مجانية ونحو ذلك. وفي العالم الغربي والاقتصادات المتقدمة تتنافس مكونات القطاع الخاص ''الشركات'' نحو التقرب من المجتمع وكسب وده فيما يخدم تعزيز الموقع التنافسي للمنشأة واقترابها بشكل أكثر إلى قلوب المجتمع. ولذا فالشركات والكيانات الاقتصادية بشكل عام تبذل الأموال الطائلة في هذا المضمار وتنأى بنفسها قدر الإمكان عن كل ما يتسبب في انطباع سيئ لدى الجمهور بل تعمل على تدارك الموقف وإصلاح الصورة في حالة التسبب في مشكلة يطول أثرها المجتمع أو البيئة ونحو ذلك. والمسؤولية الاجتماعية لا تقف فقط على حدود ما يفرض على الشركات وغيرها من ضرائب أو التزامها المهني أو التأدب بقواعد سلوك المهنة بل هي أبعد من ذلك في استشعار للمسؤولية تجاه المجتمع والاقتصاد بأسره حتى بلغ الحال في ذلك إلى النص عليها صراحة فتوضع كجزء من رسالة ورؤية الشركة. وعلى أي حال لن نورد المقارنات فيما هو موجود في هذه الدول المتقدمة في هذا الصدد وما هو معمول به في اقتصادنا المحلي لتباين الفرق بشكل كبير ففي الاقتصاد المحلي أو الإقليمي تتدنى هذه المسؤولية الاجتماعية بل إن الحال يصل إلى اعتبار بعض الإسهامات حين تتولاها شركة ما وكأنها صدقة على المجتمع في حين أنها فرض غير مكتوب. ولا ينكر أن بعض رجال الأعمال يقفون على بعض المشاريع الوقفية ويتولون دعم مشاريع الخير كجزء من إسهامهم تجاه هذه المسؤولية لكنها في الغالب تبقى اجتهادات فردية وليست مؤسساتية. ولن أعدد نماذج من هؤلاء أو غيرهم من النقيض لكون الموضوع مرتبطا بالمؤسسات والمنشآت وما يجب إبرازه هنا هو الشأن المتصل بالكيانات الاعتبارية في القطاع الخاص والمحلي بالذات. إن الإسهامات المؤسساتية نحو المسؤولية الاجتماعية في الاقتصاد السعودي تكاد تكون ثقافة فردية وإن وجدت مؤسساتية فهي متدنية جداً. وكمثال فقط على ذلك ما تفرضه الدولة في نسب السعودة، حيث بلغ الحال في المؤسسات والشركات إلى جعل توظيف السعوديين أمراً حكومياً تشريعيّاً يطبق على هذه المنشآت. فلماذا وصل بنا الحال إلى تدخل حكومي لتوظيف أبناء المجتمع الذي قامت على مقدراته هذه المنشآت أو الشركات؟! والنماذج والأمثلة في تدني ثقافة المسؤولية الاجتماعية كثيرة ولا أريد أن أعدد شركات بذاتها أو قطاعات بعينها لكثرتها لكن من الواضح غياب هذه الثقافة بشكل لا يتوازى وحجم الاستفادة التي جناها ويجنيها القطاع الخاص التي أرى أن تلزم الدولة هذا القطاع بالرفع منها مثلما أحسنت صنعاً في إجباره على الالتزام بنسب السعودة والتوظيف وعدم ترك ذلك خياريا. ولذا فإن ترك الأمر في جوانب المسؤولية الاجتماعية أمرا اختياريا فسيستمر الحال كذلك، خصوصا أننا نتطلع إلى إسهامات واضحة وبرامج مستدامة نحو الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية في ظل إنفاق حكومي غير مسبوق، حيث من الواجب أن تضطلع الشركات بمسؤولياتها ومشاركتها لمجتمعها الذي جنت وتجني من ورائه المبالغ الطائلة وتكون ثرواتها بأرقام فلكية نقلا عن الاقتصادية السعودية