ليس من حقنا كعرب أن نلوم الصهاينة على ما يفعلونه في سبيل الحفاظ على دولتهم المغتصبة؛ ولكن من واجبنا أن نفعل مثل ما يفعلون أو أحسن مما يفعلون من أجل أوطاننا ومستقبل أجيالنا ، أما الاكتفاء بتوجيه النقد لهم ، وإلقاء اللوم على أمريكا لأنها تساعدهم فهذا لا قيمة له في ميزان حكم القوة الذي تمارسه إسرائيل منذ قيامها وحتى الآن. الأمثلة كثيرة جدا على ممارسة الصهاينة لكل أنواع الضغوط بغية تحقيق أهدافهم وبدون الالتفات لأي قانون دولي أو أخلاقي ؛ فهذه القوانين لا قيمة لها إذا كانت تمنع الصهاينة من تحقيق أهدافهم. وكان تراجع القاضي «ريتشارد جولدستون» رئيس لجنة التحقيق الدولية في الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عن قراراته التي اتخذها بعد التحقيق في تلك الجرائم مثلا للضغوط التي مارستها إسرائيل ضده وضد أسرته ، مع أن تقريره لم يكن منصفا كما يجب !! هذا التراجع المخزي اعتبره وزير داخلية إسرائيل «قرارا شجاعا» ودعا القاضي لزيارة إسرائيل والاطلاع على معاناة الشعب اليهودي من صواريخ حماس!! وقد استجاب القاضي لهذه الدعوة!! وزيادة على ذلك وعد الصهاينة بالسعي لإبطال تقريره ... هل يمكنني أن أسأل: ماذا سيفعل العرب عامة والفلسطينيون خاصة إزاء هذا الموقف خاصة إذا أخذت في الحسبان مواقف الكثيرين منهم تجاه هذه الحرب؟!! الصهاينة لم يتوقفوا يوما عن قتل الفلسطينيين داخل أرضهم أو خارجها غير عابئين بكل قوانين الأرض، وأيضا غير عابئين بالدول التي ينفذون جرائمهم فيها ؛ ففي دبي قتلوا «المدلوح» وفي سوريا «مغنية» وقبل بضعة أيام قتلوا الممثل المسرحي «جوليانو مير خميس» في جنين لأنه كان يقف إلى جانب القضايا الفلسطينية ، وسبق لهم قتل عدد من العلماء العرب في بلادهم وخارجها.. وفي السودان قامت طائرات إسرائيلية بقصف سيارة قرب بور سودان ويقال إن اثنين ماتا فيها !! قصص القتل كثيرة جدا ولكن المستغرب ردود الفعل الباهتة على كل تلك الأفعال الإجرامية!! وحدها «دبي» حاولت أن تقوم بعمل إيجابي؛ صحيح أنه لم يوصل لشيء عملي ولكنه كان الأفضل!! أتساءل: هل يمكننا أن نلوم غيرنا على صمتهم على هذه الجرائم ما دمنا نمارس نحن العرب الدور نفسه أو نكاد؟! وأقول: هل يمكن لأي دولة عربية أن تتجرأ على ملاحقة صهيوني داخل إسرائيل أو قتله أو خطفه أو ملاحقته في أي دولة أخرى؟! أما الاستيطان فحدث عنه ولا حرج !! الفلسطينيون يلومون أمريكا «صانعة السلام!!» ويعتبون على أوروبا لأنها لا تفعل شيئا إيجابيا ولا تساعدهم على قيام دولتهم!! ويتناسى هؤلاء أن بعضهم كان يبيع الإسمنت لليهود لبناء مستوطناتهم ... وأن بعضهم كذلك يحمي الصهاينة من أي اعتداء عليهم من أجل إيقاف بناء تلك المستوطنات !! أما حماية الأمن الإسرائيلي فحدث عنه ولا حرج!! إسرائيل لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتقوم بها من أجل بقائها أو التستر على جرائمها ؛ فقد ضغطت على إدارة «فيسبوك» لكي تغلق صفحة تحمل عنوان «الانتفاضة الفلسطينية الثالثة» تدعو الفلسطينيين للقيام بانتفاضة سلمية ضد الاحتلال وذلك يوم الجمعة 15 مايو المقبل وكان لها ما أرادت تحت حجج واهية من إدارة الفيسبوك.. ولو أن كل عربي ، وكل دولة عربية قاطعت هذا الموقع لبضعة أيام لتغير كل شيء .. لكن العرب لا تهمهم مصالحهم مثل إسرائيل.. نعرف أن إسرائيل دولة عنصرية إرهابية وأنها لا تنوي بالعرب جميعا أي خير ، ولكن هذه المعرفة لا تساوي شيئا إذا لم يكن هناك عمل جاد لإعادة الصهاينة إلى جادة الصواب.. الصهاينة كانوا يعرفون أن الوضع العربي كان في مجمله لصالحهم ومن أجل ذلك لم يكونوا يقيمون وزنا لأحد.. لكن هذا الوضع بدأ بالتغير تدريجيا وهذا ما أقلق رئيس وزرائهم كثيرا، وبدأت تصريحاته تعبر بوضوح عن هذا القلق، فهو لا يعرف من سيحكم البلاد التي تحررت من طواغيتها أو التي ستتحرر لاحقا!! هل هم مثل سابقيهم أم لا؟!! وهل سيتركونه يفعل ما يشاء أم أن لهم مواقف مغايرة قد تقضي على طموحات دولته؟!! وبدأت رحلاته واتصالاته ومشاوراته لعله يجد ما يريحه. أتمنى بل وأتوقع أن القادم لن يكون في مصلحة الصهاينة .. وأن القادمين يدركون أن العمل وحده هو من سيترك لهم وجودا في هذا العالم أما مرحلة الجعجعة فلم يعد لها وجود.. نقلا عن عكاظ