كلما انحرف الدين عن مساره الصحيح انتشرت الخرافة وعم الاستبداد , ولكن كيف ينحرف الدين عن مساره الصحيح , وبالتدقيق لماذا ينحرف الدين عن مجاله الصحيح , هل لأن مجال الدين معطى ثابت وفوقي , ومجال الإنسان متغير وارضي , فإذا اجتمع مع متغيرات الإنسان ( مكر السياسة ) وغياب قراءة الدين بواسطة الواقع , حل محل الدين الاستبداد والخرافة , فالاستبداد الذي هو لازمة الحكم الشمولي الاطلاقي , لايطيق أن يرى الدين واقعاً يمكن تحريكه واصلاحه وتطويره , ليتناسب وينسجم مع مصلحة الإنسان , هنا يُلزم الاستبداد الناس ( المؤمنين ) بنوع من الدين واشكال من التدين تناسب ارغام الناس على سياسة الترغيب والترهيب , وترحيل المطالبة بحقوقهم ليوم القيامة , فيؤكد المستبد أن المطالبة بالتوزيع العادل للثروات والمشاركة السياسية نوع من الفتنة , والفتنة نائمة لعن الله من ايقظها , فهل الفتنة هي المطالبة بالحقوق , من حرية التعبير وحرية التفكير وحرية الرأي والعدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية , أم الفتنة هي حرمان الشعوب من ذلك , وبذلك تكون الحكومات الفاسدة هي التي توقظ الفتنة وليس الشعوب التي نهضت للمطالبة بحقوقها . يظل العقل الايديلوجي متأزماً على الدوام , نتيجة لما يضخه فقه الدين المسيس من صناعة العدو المستدام , وتمر الاعوام والسياسي يمرر على العقل المتدين وجود اعداء للدين يفكرون و يخططون وينفذون لإلغاء ( العقيدة الصافية ) ويعملون ليل نهار لمحاربة ( التوحيد ) ويظل المسلم يحارب طواحين الهواء , يسكت ويصمت عن حقوقه اليومية في الحياة , مخافة أن يخدش ( جناب التوحيد ) وتظل فزاعة السياسي تعمل في استقالة عقل المسلم , وابعاده عن التفكير في قانون الحقوق الدنيوية والتي هي ألزم من حقوق الله في التوحيد , فالله قوي وقادر ولايضره سبحانه وتعالى لو اشرك كل اهل الارض ولاينفعه لو آمن من في الارض جميعاً , فعقيدة التوحيد , بل الدين كله , مانفعه إذا لم يجلب للإنسان كرامته وحريته وحقوقه وينال نصيبه من الدنيا غير متعتع ولا وجل , لكن الاستبداد يخوف الناس بالله عن المطالبة بحقوقهم , فتحل أوامر الدين كعصا شرطي بيد السياسي , وعلى الإنسان المظلوم المتضرر اللجوء إلى يوم الحساب , والإ فالفتنة نائمة لعن الله الشعوب التي توقظها للمطالبة بحقوقها . وتمر الايام و الاعوام والدول والحكومات والحضارات , ويظل الإنسان صاحب التفسير الفوقي للدين , يتمنى المستحيل على السياسي , وهو أن يفسر الدين لصالح حقوق الناس ,ولكن هيهات في تلك الحالة أن يعمل الدين في خدمة الحقوق مادام لب الدين هو السياسة , فلم يذكر في التاريخ أن سياسياً من هؤلاء تواضع وتكرم وقال للناس : تعالوا ايها الناس اعطيكم حقوقكم كاملة أو شاركوني في الحكم , لكنه يعدهم بالجنة إن هم صبروا على قهره وعانوا المرار , فإن همُ رفضوا , فهم في نظره موقدو نار الفتنة وإن نهضوا فمالهم إلا نار الاستبداد , وهكذا لايمكن أن يتأتى العدل إلا أن يكون الناس هم الحكم في صحة تفسير الدين وانزاله على الواقع , يأتي تفسير الدين من الشارع وليس من دهاليز السياسة , هنا يمكن أن تكون العقيدة صافية في الدين والدنيا , وفي الآخرة والأولى , ويكون التوحيد خالصاً لله . ولو انزلنا سطور هذا المقال على الواقع في ايران وليبيا وغيرها , لعرفنا كم ظلمت الشعوب جراء تحريف الدين أو المذهب واللحمة الوطنية نقلا عن المدينة السعودية