مع النمو السكاني العالي وارتفاع أسعار الأراضي والاستمرار في جعل الأرض عنصر استثمار لا وعاء تنمية، يصبح توفير السكن الملائم للجيل السعودي الشاب ضربا من المستحيل، حتى إن العديد تصل أعمارهم إلى قرب التقاعد وهم عاجزون عن توفير السكن الملائم لهم ولأطفالهم. السكن يعتبر ضرورة أساسية من ضروريات الحياة المعاصرة، ويعتبر لنا في السعودية الملاذ بعد الله - سبحانه وتعالى - لاستقرار الأسر وطمأنينة أرباب الأسر على أسرهم؛ لأن توفير السكن الملائم يعطي الطمأنينة لرب الأسرة وراعيها على بقاء أسرته واستقرارها حتى - لا قدر الله - شر توفي لأي سبب من الأسباب؛ لأن وجود السكن المِلك هو الحامي بعد الله من شرور المؤجرين وطمعهم المادي والأخلاقي في سكان المسكن بعد رحيل أب الأسرة، ولهذا فإن الحلم الأول الذي يراود الجميع هو توافر السكن الملائم. السكن الملائم غير المسكن؛ لأن السكن يأتي من الطمأنينة والاستقرار، والطمأنينة والاستقرار يأتيان من توافر السكن المناسب المتوافر في حي متكامل الخدمات والمرافق العامة من كهرباء وماء وهاتف وتصريف صحي وتصريف للأمطار والسيول وطرق وإنارة وتشجير وتوافر المساجد والمدارس والمراكز الصحية والشرطة والدفاع المدني والملاعب... إلخ، بمعنى أن ينتقل الإنسان لسكن متكامل ومتكامل حيه وألا تبقى الأحياء عبارة عن تقسيمات للأراضي تبنى خلال سنوات عديدة؛ ما يضطر أهل الحي إلى العيش بين العمال والحفر والدفن سنين عديدة. أهمية توفير السكن تأتي في المرتبة الأولى لاهتمام القيادة السعودية وتحرص على توفير كل متطلباتها المالية وغيرها، إلا أن الأمر وخلال المرحلة المقبلة يتطلب إعادة النظر في منهج توفير المساكن الحالية، التي لا ترقى إلى مستوى السكن المأمول، هذا الأمر يتطلب تضافر الجهود بين توفير الأراضي الصالحة للسكن وتوفير المساكن فيها بمعنى أن يتم توحيد الجهود بين صندوق التنمية العقاري وهيئة الإسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية. وزارة الشؤون البلدية والقروية عليها توفير الأراضي المناسبة للسكن، وتضامن هيئة الإسكان وصندوق التنمية العقاري عليهما توفير المساكن المناسبة بكامل مرافقها وخدماتها وأن يحققا تكامل منهج وأسلوب السكن وتوعية الساكنين في الأحياء الجديدة بحيث لا يتم جعل مدننا مقسمة بين أحياء للفقراء وأخرى للأغنياء، إنما يتم الدمج في الأحياء بين مختلف فئات المجتمع الغنية والفقيرة، المتعلمة وغير المتعلمة، بحيث يساعد كل فريق الآخر على الارتقاء بالقيم الإنسانية والعلاقات المجتمعية بما يخدم تلاحم وتفاعل سكان الحي الواحد ويجعل منهم جسدا واحدا لتطوير وحماية حيهم من كل فساد أو مفسدين من أصحاب الفكر الضال أو مروجي المخدرات أو سارقي الأنفس بالقيادة المتهورة للمركبات وبما يساعد على إيجاد مواقع وأماكن لممارسة الرياضة وقضاء الوقت الثمين المنتج بين سكان الحي وتصديق لقول المصطفى - عليه الصلاة والسلام - ''والله لا يؤمن أحدكم حتى يأمن جاره بوائقه'' وقوله عليه - الصلاة والسلام ''ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه''. إن توحيد الجهود الحكومية وبالتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للعمل كفريق واحد لتوفير السكن الملائم والأحياء المتكاملة وتسريع وتيرة ذلك وتحقيق طموحات القيادة بوجود سكن لكل مواطن والعمل على معالجة المعوقات الإدارية التي تقف حجر عثرة في وجه تنفيذ مشاريع الإسكان المتكامل والتأكيد على الجهات الحكومية وشركات المرافق والخدمات بالعمل كفريق واحد لتحقيق إيجاد الأحياء السكنية المتكاملة في مختلف المدن والقرى أمر ليس بالصعب، ولكن ما نراه اليوم من بطء وتأخر في تنفيذ المشاريع الإسكانية وعدم تعاون من كل الجهات الحكومية والخاصة مع هيئة الإسكان يجعل حلم توفير السكن للمواطن حلما بعيد المنال. نقلا عن الاقتصادية السعودية