من يقرأ الخطاب الرسمي في الآونة الأخيرة يشعر بتغير واضح في اللغة. القيادة السياسية تقر بوجود الأخطاء، وتحضر للتصحيح، وتأمل بوضع أفضل، فيما حال التنفيذيين مازالت كما كانت سابقاً. يحافظون على خطاب إعلامي قديم، لا يناسب مرحلتنا. جمهور اليوم لا يتفاعل مع الكلمات الإنشائية، ولا تطربه الوعود الاستهلاكية. الناس تريد تحقيقاً لتطلعاتها، وتلك لا سقف لها. أو لنقل إنه سقف يفوق مدى نظر التنفيذيين القائمين على المؤسسات الحكومية، والمكلفين بتحقيق أوامر ولي الأمر. طوال الفترة الماضية لا أذكر أني قرأت أو سمعت مسؤولاً، وزيراً كان أو رئيساً لجهاز، يتحدث عن أخطاء في مسيرة عمله، أو عن تقصير في مهامه. لا أعلم إن كان هناك مكابرة تحول دون الاعتراف بالتقصير والأخطاء، أو هو جهل بحقيقة ما يدور في مؤسسته. حالنا اليوم مع التقنيات الحديثة، التي تجاوزت وسائل الإعلام الخاضعة للضغط الرسمي، لا يسمح بتجاوز القصور والأخطاء؛ التغافل عنها، أو تمريرها من دون كشف ومحاسبة وعلاج. إلى المواقع الإلكترونية تصل مشاهد المخالفات والتقصير موثقة بالصوت وبالصورة، ولا يملك أحد إنكارها. ربما شاهد القراء مشهد أحد السفراء وتعامله السيئ مع إحدى المواطنات، وربما شاهد القراء أكثر من ذلك، والمقبل من الأيام سيحمل الكثير، إذا ما اعترف التنفيذيون بالأخطاء وسارعوا إلى العلاج، ورافقهم الحساب على القصور. فما ينقصنا اليوم ليس أكثر من الوعي بأن أخطاء الماضي لا يحتمل تكرارها اليوم. وعلاج الأخطاء في الماضي لا يتناسب مع المرحلة الجديدة، واليوم لا يشترى الوقت كما الأمس. فنحن نعيش مرحلة تستوجب المكاشفة الفورية والعلاج السريع، والحساب بيد من كان بيده الحساب، لا أكثر. فمن محاسن القرارات الأخيرة، زيادة تفعيل العمل الرقابي بنحو ألف موظف، والأهم أن تأخذ تقارير المراقبين الجدد طريقها إلى ولي الأمر، لتبدأ عمليات التصحيح والمعاقبة والعلاج. وحتى لا يأخذ عن البلاد التساهل مع عائدات أسعار النفط الهائلة، فتبدأ المشروعات التنموية بأرقام لا تتناسب وطبيعتها، وحتى لا ندخل في مقارنة بين تكلفة مشروع في دبي أو المنامة مع مشروع مثله في الرياض أو جدة، ونكتشف فارق الأرقام، رغم تشابه كل شيء، وربما يكون ذلك من وظائف الرقابة، رغم ما نسمعه عن تدقيق عنيف يبلغ حد التعطيل أحيانا من وزارة المالية.. نقلا عن الرياض