تحتفل مصر اليوم بقامة علمية مصرية شامخة, جابت باسم مصر وعطاء أبنائها ربوع الأرض, متربعا علي عرش جراحة القلب في العالم. يحمل اسم مصر أينما حل, ويبعث مجدها الطبي في كل محفل علمي. ويأتي تكريم الرئيس مبارك لمجدي يعقوب تقديرا وامتنانا لعالم زاده علمه الرفيع تواضعا وانتماء لبلاده التي نشأ فيها, وتلقي علومه في مؤسساتها, وتحت رعاية أساتذتها. يأتي احتفال اليوم عرسا وطنيا وعلميا يقلد فيه الرئيس مبارك الجراح المصري قلادة النيل.. أرفع الأوسمة المصرية. مناسبة نستعيد بها الأمل والثقة في قدرات المصريين, ونقف فيها متأملين حالة من الوطنية المصرية تعلي قيمة الوطن فوق كل اعتبار. علم جديد في سلسلة الأعلام المصرية التي رفعت اسم بلادها عالميا, شاهدة علي عمق الحضارة التي تسكن هذا الشعب, مذكرة شعوب العالم بتاريخ العطاء المصري للحضارة الإنسانية. لم يكن نجيب محفوظ ومجدي يعقوب وأحمد زويل وغيرهم سوي مصريين حملوا مشاعل أضاءت فضاء العالم. لم ينظر العالم لأي دين ينتمون, وإنما كان وعلي الدوام ينظر في أي أرض ولدوا وفي أي تربة نشأوا ومن أي ثقافة استلهموا الإبداع والتفوق. المكانة التي بلغها مجدي يعقوب في مصر والعالم, وتكريم الرئيس مبارك له, تستعيد سنوات شبابه الأولي, وتستدعي إرادة المعرفة والتعليم التي كانت تعتمل في نفسه وهو يخطو في سنوات عمره الأولي علي مدارج التعليم في مصر. لم تكن أسباب التعليم سهلة ولا ميسورة.. في أربعينات وخمسينات القرن الماضي.. كانت المواصلات والطرق منعدمة, والدواب وسيلته للانتقال في دروب الدلتا, حيث ولد في محافظة الشرقية عام1935, ومن كلية الطب في قصر العيني أخذته الرحلة الطويلة إلي بريطانيا والولايات المتحدة, حيث بدأت إبداعاته العلمية. حصل علي درجة الزمالة الملكية في الجراحة من جامعات لندن وأدنبره وجلاسجو, وترأس قسم جراحة القلب في جامعة شيكاغو الأمريكية, ولم يكن قد بلغ سن الأربعين. أسهم بأكثر من400 بحث علمي في جراحة القلب والصدر. استحدث العديد من الأساليب الجراحية لعلاج أمراض القلب خاصة الوراثية منها. كان ثاني الأطباء الذين أجروا عملية زراعة القلب بعد الدكتور كريستيان برنار. أجري خمسا وعشرين ألف عملية منها2500 عملية زراعة قلب. كرمته الحكومة البريطانية فحصل علي لقب سير, وكرمه الشعب البريطاني حين فاز بجائزة الشعب عام2000 عن عموم إسهاماته العلمية.. أسس جمعيته الإنسانية الرفيعة سلسلة الأمل يسعي بها وراء القلوب المتعبة في إفريقيا, وأنحاء أخري من العالم. امتدت خدماته لبني وطنه من الإسكندرية وحتي أسوان, وفي جنوب الصعيد أنشأ أحد أكثر مراكز جراحة القلب تميزا, يقدم رعايته للمصريين دون تمييز, لايزال الرجل رغم علوه العلمي والأدبي شديد التواضع, ورائع الاهتمام بالفقراء من المصريين. هذا هو مجدي يعقوب الذي يكرمه الرئيس مبارك اليوم.. عطاء علمي خالص, وقامة علمية تشهد بالحكمة والوعي الذي يسكن عمق الشخصية المصرية, والقدرة علي تحدي الصعوبات وتحقيق التفوق. نقلا عن الاهرام المصرية