أثارت مقالات كاتب "الوطن" الأستاذ عبد الله الفوزان حفيظة الكثيرين، ليس لأنهم يدافعون عن البنوك، ولكن لأنه انتقد المشايخ الذين حللوا منتجات التورق المنظم. فهذا المنتج جاء بصيغة مشابهة لما يتم العمل به في القروض التقليدية، جعلته موضع شد وجذب بين المستفيدين والمنظرين. وأول مشكلات التورق هي الخلاف حول شرعيته، حيث إن جمهور أهل العلم في زمننا لا يجيزونه، وإنما يجيزون التورق البسيط فقط. ولعل التفريق شرعياً بين التورق البسيط والتورق المنظم لدى بعض أهل العلم يعود سببه إلى أن التورق البسيط يتم باستخدام سلع محلية "حقيقية" لا يتم تداولها في البورصات. ولذا، فإن التورق البسيط يقع ضمن نطاق السلع المحلية المنتجة، الأمر الذي يحد من كمية المال الجديد الذي يمكن للمصارف صنعه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عملية التورق البسيط من "المفترض" أن تساهم في خفض أسعار السلع وتعظيم الفائدة العائدة على الإنتاج لأن صاحب السلعة الأساسي يحصل على مقابل لإتمام عملية التورق على سلع كانت في طريقها للبيع. التشابه بين منتجات التورق (سواء كان منظماً أو بسيطاً) وبين القروض التقليدية في توفير النقد للعميل بصورة عاجلة ساهم بشكل كبير في دفع مصارفنا الإسلامية للتركيز عليه، وإهمال باقي المنتجات المصرفية الإسلامية. وفي حين تعتمد المصرفية الإسلامية في أساسها على المنتجات الاستثمارية، والتي تهدف إلى تنمية عمليات التجارة والنشاط الاقتصادي، فإن الطريقة التي يتم بها تسويق منتجات التورق تهدف في النهاية إلى الاستهلاك. ولذلك، فإنه من الضروري إعادة توجيه بوصلة المصارف الإسلامية نحو المجال الاستثماري، كونه المجال الأوسع لتطوير العمل المصرفي الإسلامي. إن سبب إعراض البنوك المحلية عن تطوير بقية منتجات المصرفية الإسلامية مثل المضاربة والمشاركة يكمن في المخاطر المرتفعة المرتبطة بتلك الصيغ التمويلية. وكما هو معروف، فإن المصارف، إسلامية كانت أو تقليدية، تعتمد بالأساس على تمويل عملياتها من خلال توظيف أموال المودعين. ولذلك فإن تمويل صيغ المنتجات الإسلامية التي تعتمد على مشاركة الأرباح لا بد أن يأتي من مصدر استثماري، بحيث يعرف العميل المستثمر نوعية المخاطر التي يقدم عليها. ولهذا، فإن الحل الأمثل يكمن في فتح الباب أمام الجمهور للاستثمار في صناديق تقوم بتمويل عمليات مشاركة ومضاربة، خصوصاً أن البنية التحتية اللازمة لنجاح هذه المنتجات موجودة ، إذ تقوم بيوت الاستثمار بإدارة الصناديق وجمع الأموال التي تودع بدورها لدى المصارف التجارية، حيث تفاضل بين الشركات المقترضة ومراقبة سير عملياتها. ومع اكتمال كل دورة ستزيد خبرة المصارف في تلك المنتجات الإسلامية الجديدة، الأمر الذي سيؤدي إلى اتساع سوق الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة. نقلا عن الوطن السعودية